صحتنا

خالد فتحي: هل تشبب سرطان الثدي؟


نعم، إنه في طريقه ليفعل ذلك . فالحالات في اوساط الشاباب لم تعد استثنائية. هن ايضا عدن بتقاطرن باعداد وفيرة بسبب هذا الداء على العيادات والمستشفيات، او لنقتصد قليلا ،ونقول إنهن يفدن عليها بشكل لافت للانتباه قصد العلاج منه …… عامل التقدم في السن الذي هو من ضمن عوامل الاصابة. بل والأهم من بينها على الإطلاق، صار يجنح رويدا رويدا نحو الحياد ليصيب الداء سواسية كل الأعمار .



بقلم: الدكتور خالد فتحي

اغلب الحالات، و التي لحدود الآن،  تتركز في الفئات النسائية التي يفوق عمرها  الخمسين – وهو ماحدا دائما  بسياسات الرصد المبكر لهذا السرطان اعتماد سن 45 او 50 للبدء في الكشف الاجباري عن الاصابات  بين السيدات-  قد صارت تخلي أماكنها أو على الأصح تضم إليها خلال السنوات الأخيرة حالات شابة ومبكرة .

لاشك أن  هذا السرطان قد تغول  من حيث قوة الانتشار ، أنه   يضرب حاليا  في اوساط  فئات عمرية أصغر وأغض:  لايتورع ان يستهدف شابات في مقتبل العمر، عادة مايكن ربات بيوت، او اطرا ناجحة مهنيا، و في اغلب الاحيان امهات لاطفال في عمر الزهور.

هذه الظاهرة يسميها  الاطباء ب”تراجع عمر الإصابة بالسرطان” أو “تَشَبُّه السرطان بالشباب”، أو تشبب سرطان الثدي

  يمكننا والوضع هكذا أن نقر أن هذا  المنحى التصاعدي  المريب للاصابات بين الشابات  ليترسخ   في المغرب سنة بعد سنة . تماما مثلما يترسخ في أغلب دول العالم،  مخلفا الكثير من  المآسي الاجتماعية  والانسانية، وضاغطا بالخصوص على الأنظمة الصحية ومايرافقها  عادة من أنظمة للتغطية الصحية.ناهيك عن التكلفة الاقتصادية الباهظة كونه يستهدف نساء في اوج عطائهن مسؤولات عن بيوت كثيرة.

ففي بعض البلدان التي تتوفر على إحصائيات محينة  لوحظ مثلا ان نسبة الإصابة لدى النساء تحت سن 40 ترتفع سنويا ب 2 إلى 3% سنويًا.

وهكذا بعد أن  كانت الإصابة بسرطان الثدي تُعتبر نادرة قبل سن الـ40، صارت  الآن  تُشكّل نحو 10 إلى 15% من إجمالي الحالات .ولربما أكثر في بعض الدول الصاعدة .

لكن قبل أن يستغرقنا الموضوع .أود أن انبه إلى  أن هذا الحديث ،  لا يعني أن هذا السرطان استبدل الكبيرات بالصغيرات؛أو  أن كبيرات السن لم يعدن يُصبن بسرطان الثدي ،  النسبة بين  الكبيرات لازالت على حالها .ولربما هي  اكثر  الآن بدورها بالنظر الى شيخوخة السكان . إذ  لم يعد غريبا الان كذلك  ان نعالج سيدة في الثمانينات والتسعينات في العمر .لكننا

نركز في هذا المقال فقط  على زيادة  عدد الحالات دون سن الخمسين.وهنا ينبري السؤال المهم الذي يدور بخلدكم  وتنتظرون إجابة مقنعة عنه ما هو ياترى  السبب المحتمل

لهذا “التراجع العمري”  ؟  للأسف ليس هناك جواب شاف تماما . اذ على الرغم ان بعض المتفاءلين او الايجابيين يردون ذلك إلى كوننا  نجد الان كل الجد في تعقب كل الحالات لايقاعها في شباك التشخيص والعلاج، وبالتالي اكتشاف الحالات الشابة التي كانت تفلت من الرصد فيما مضى  ، فإني اميل إلى الاعتقاد مثل أغلبية الأطباء المراقبين  الى ان الظاهرة جديدة ولا علاقة حصرية لها بتفوق المنظومات الصحية في  سياسة الرصد .

السبب في رأي هذه الفئة الواقعية غير  معروف بالدقة المطلوبة ، لكن  يمكن القول على الأقل ان هناك عدة عوامل يُشتبه في أنها تلعب دورًا في هذا التفاقم :

لعل اولها  هذه التغيرات التي طالت  النظام الغذائي ( من كثرة للأطعمة المصنعة، وقلة للألياف، وعدم تناول الخضر والفواكه والاسماك بالكميات الصحية )

ثم زيادة السمنة بل و زيادة السمنة المفرطة مع مايصاحبها  عادة من  ترهل وقلة للشاط البدني،

والتعرض للمواد الكيميائية والهرمونية الصناعية من ملوثات، ومواد حافظة طالت كل  شيء  دون  ان تحفظ اهم شيءألى  وهو الصحة.و كذلك التعرض المكثف  المنغصات الهرمونية التي تدسها لنا الحياة العصرية حيث لانتوقع.

ناهيك عن الاستهلاك المبكر للكحول والتدخين.

البعض يشير بأصبعه  أيضا إلى التوتر الذي يرافق بعض المهن بل هناك من يتهم العمل الليلي ، بأنه احد الاسباب الخفية لحدوث ذلك .ومن الطبيعي أن نفهم أن مثل هذه الفرضيات تجد صعوبة كبرى في أن تثبت ذاتها ، لأنها تواجه بضغوط من المركب الصناعي والمالي وحتى بالانكار من بعض الاوساط والفئات.

وهناك بالأساس   هذه التغيرات التي حدثت  في نمط الحياة الإنجابي من مثل تأخر سن الإنجاب، أو الامتناع  الطوعي عن الرضاعة الطبيعية. هذه السلوكات التي  تنضوي تحت يافطة ضعف الثقافة الإيجابية لدى النساء .إذ أن الأغلبية منهن لاتمتلكن المعلومات الصحية  الضرورية لأسباب تتعلق بتكاسلهن في تحصيل هذه المعلومات المهمة .أو لأسباب أخرى ايديلوجية لها علاقة برغبات ودافع السوق ، تتعمد التغافل  لهن عن بعض الحقائق العلمية من قبيل أن الولادة قبل الثلاثين تحمي سبعة أضعاف من سرطان الثدي .؟ ثم لا يجب علينا أن لا ندخل في الاعتبار في حدوث هذا الارتفاع تزايد معدلات العزلة والاكتئاب وغياب الدعم العاطفي في الوسط المجتمعي للأسباب التي يطول سردها .والتي يستطيع الكل تخمينها . إن المشكل معقد ، وإذا شئت تلخيصه بجملة واحدة، فهو له علاقة بتضاؤل اسباب الهناء والسعادة في المجتمعات الحديثة على الرغم من اننا نتخيل  حدوث  العكس .

قد يتساءل آخر : هل للوراثة دخل في كل هذا ؟

لا أظن. فمعظم المصابات الشابات ليس ليس لديهن تاريخ عائلي.لكننا نلاحظ أن سرطان الثدي الوراثي صار  بدوره يحل مبكرا أكثر مما كان  .فكما تراجع السن بالنسبة لمجموع الحالات ، تراجع أيضا بالنسبة لهذه الفئة التي تمتلك الطفرات الجينية المؤدية لهذا السرطان .ولذلك تطورنا  نحن أيضا، أطباء النساء والولادة والسرطان ، لمواكبة هذا التحول؛ اذن نعمد لآخضاع الشابات اللواتي ينحدرن من هاته العائلات للرصد المبكر قبل الثلاثين، وهناك من يذهب الى ماقبل العشرين من العمر  في بعض الحالات .

لحسن الحظ أن الفحص بالرنين المغناطيسي يسعف كثيرا في هذه السن التي لايتمكن فيها الماموغرام من تخطي الكثافة النسيجية للثدي خلال هذه المرحلة من العمر .  

اننا إذن أمام تحول في تعبير سرطان الثدي عن نفسه مجتمعيا ، تحول يحتم علينا أن نسايره بالفحوصات وحتى بالتشريعات اللازمة

فسرطان الثدي عند النساء الأصغر سنًا قد يكون أكثر عدوانية في بعض الأحيان.

كما أن  التشخيص المبكر عندهن بالذات صعب ،لأن برامج الفحص غالبًا ما تبدأ من سن 45 أو 50، وهو ما يعني أن كثيرًا من الشابات لا يخضعن للفحص إلا بعد ظهور الأعراض واستفحالها ، وبالتالي قد لانكتشفهن الا في مرحلة متقدمة قد يستعصي فيها العلاج .

زد على ذلك  أن التأثير النفسي والاجتماعي يكون أكبر عند النساء الشابات، إذ لهن هواجسهن واسئلتهن الخاصة  بهن ،فيما يتعلق بالحمل، الرضاعة،  الخصوبة بعد العلاج ، وحتى بجمالهن الجسدي بما مايستتبعه من استقرار اسري وتناغم زوجي

ماالذي  يمكننا فعله إذن؟

يجب ان نحكم التوعية بين الشابات حول ضرورة فحص الثدي الذاتي شهريًا.

ونحضهن  بكل الوسائل التثقيفية والمدرسية والتعليمية والاعلامية على زيارة الطبيب عند أي تغير غير طبيعي في الثدي  (كتلة، إفرازات، ألم غير معتاد) ايا كانت سن الفتاة

وبالخصوص دفعهن نحو  اتباع نمط حياة صحي (غذاء متوازن، رياضة، تقليل التعرض للمواد الكيميائية )، واتخاذ قرارات حياتية صائبة ، وفي حال وجود تاريخ عائلي، يجب تمكينهن من طلب فحص جيني ومتابعة مبكرة مع طبيب مختص.

الوقاية من سرطان الثدي.وتتبع مناوراته وتمظهراته الجديدة هو من أوجب الواجبات على منظوماتنا الصحية والاجتماعية .هنا يوجد أحد اهم الأوجه النبيلة للنضال النسائي الذي تحتاجه النساء حقا والذي لم يستكشف لحد الان بالقدر المأمول.

فالوعي والوقاية والمتابعة الصحية هي معارك نسائية حقيقية أولى بالاهتمام من قضايا سطحية أحيانًا تُعطى حجماً أكبر مما تستحق.

ألى في ذلك فلتتنافس المتنافسات، وكذلك  فليتنافس المتنافسون.فهل بلغت ؟

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 11 سبتمبر 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic