أخبار بلا حدود

تونس: مواجهة متصاعدة بين قيس سعيّد واتحاد الشغل تهدد استقرار البلاد


تعيش تونس في الآونة الأخيرة على وقع مواجهة سياسية واجتماعية حادة بين الرئيس قيس سعيّد والاتحاد العام التونسي للشغل، إحدى أبرز القوى النقابية والمدنية في البلاد، ما ينذر بمزيد من التوترات الداخلية ويطرح تساؤلات مقلقة حول مستقبل الديمقراطية التونسية.



وقد بلغت الأزمة ذروتها عقب مظاهرة نظمت يوم 7 غشت الجاري، رفعت شعارات غير مسبوقة تتهم قيادة الاتحاد بالفساد، ما اعتبره مراقبون تمهيدًا لحملة ممنهجة تستهدف أكبر منظمة نقابية في تونس. وفي سياق متصل، قررت الحكومة التونسية، في خطوة تصعيدية واضحة، إلغاء العمل بنظام “التفرغ النقابي”، وهو ما حُرم بموجبه عدد من النقابيين من التراخيص التي كانت تُمنح لممارسة أنشطتهم داخل الهياكل النقابية.

ويخشى محللون من أن تقود هذه المواجهة إلى كسر التوازن الذي كانت تمثّله النقابات كصمام أمان في التجربة الديمقراطية التونسية، خاصة أن الاتحاد العام للشغل، الذي يضم في صفوفه أكثر من 700 ألف منخرط، لطالما لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وكان أحد الأطراف الأربعة التي نالت جائزة نوبل للسلام عام 2015 لدورها في إنجاح الحوار الوطني ما بعد ثورة 2011.

ويبدو أن العلاقة بين الطرفين تمر بمرحلة دقيقة، خاصة أن الاتحاد كان من أوائل الداعمين للقرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد في 25 يوليوز 2021، والتي تضمنت تجميد أعمال البرلمان، وحلّه لاحقًا، وإقالة رئيس الحكومة. غير أن هذا الدعم لم يكن مطلقًا، إذ رفض الاتحاد منح الرئيس "صكًا على بياض"، واتخذ لاحقًا موقفًا ناقدًا لمسار الحكم الفردي والتضييق على الحريات.

وفي ضوء التصريحات المتوترة والقرارات الحكومية الأخيرة، يرى مراقبون أن قيس سعيد يدفع الأمور نحو معركة كسر عظم مع الاتحاد، في محاولة لتطويع المؤسسة النقابية أو على الأقل تحجيم تأثيرها المتنامي. لكن هذا المسار لا يخلو من مخاطر كبيرة، في ظل ما يمثله الاتحاد من ثقل جماهيري ونفوذ تاريخي قد يجعل من المواجهة اختبارًا حاسمًا لمسار الحكم في تونس.

ويحذر متابعون من أن استهداف النقابات والمنظمات المستقلة قد يُقوّض ما تبقى من مكتسبات الثورة التونسية، ويزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي التي تشهدها البلاد، وسط أزمة معيشية خانقة وتدهور مؤشرات التنمية.

وفي خضم هذا المشهد، تبدو تونس مقبلة على مرحلة مفصلية قد تحدد وجهة تجربتها السياسية: إما العودة إلى منطق التعدد والتوازن بين المؤسسات، أو الانزلاق نحو تغوّل السلطة التنفيذية على حساب كل الأصوات المستقلة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 18 أغسطس 2025

              

مختصرات آخر الأخبار | أخبار بلا حدود


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic