وتشير بيانات مجموعة “France Intercereales” إلى أن المغرب سيستورد هذا الموسم نحو 5 ملايين طن من القمح الطري، ومليون طن من القمح الصلب، ومليون طن من الشعير، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 2.5 مليون طن من الذرة، حيث أبرم المغرب بالفعل صفقات لشراء مليون طن من القمح الطري الفرنسي. وتعكس هذه الخطوة الاعتماد الكبير على السوق الفرنسي لتأمين الحبوب الأساسية، في وقت يشهد فيه السوق العالمي تقلبات ملحوظة.
ويأتي الاعتماد على القمح الفرنسي في ظل تراجع صادرات أبرز مصدري الحبوب العالميين، خصوصاً روسيا، حيث أظهرت بيانات الاتحاد الروسي للحبوب استمرار انخفاض الصادرات منذ بداية الموسم الحالي. فقد بلغت صادرات القمح في شهر شتنبر الماضي 5.12 مليون طن، أي أقل بنسبة 23% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فيما بلغت صادرات الحبوب منذ الأول من يوليو 14.1 مليون طن، أي أقل بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من الموسم الماضي. وتؤكد إيلينا تيرينا، مديرة إدارة التحليل في الاتحاد الروسي، أن الصادرات لم ترتفع رغم توقعات بزيادة محصول الحبوب العالمي، ما يضاعف الضغط على الدول المستوردة مثل المغرب.
وعلى صعيد الأسعار، شهدت السوق العالمية انخفاضاً طفيفاً، حيث انخفض سعر القمح الفرنسي بنسبة 1.7% ليصل إلى 227 دولاراً للطن، والقمح الأمريكي بنسبة 0.4% إلى 226 دولاراً، والقمح الروسي بنسبة 1.7% إلى 230 دولاراً للطن، وفقاً لتصريحات تيرينا. ويعكس هذا التراجع تحديات الأسواق العالمية في ظل المنافسة الشديدة بين المصدرين الرئيسيين وارتفاع الطلب على الحبوب.
وتعكس الاستراتيجية المغربية في تنويع مصادر القمح وضمان حصة كبيرة من القمح الفرنسي رغبة المملكة في الحفاظ على استقرار الأسعار المحلية ومواجهة أي انقطاعات محتملة في التوريد. ويكتسب هذا التوجه أهمية خاصة مع النمو السكاني وزيادة الاستهلاك الداخلي، حيث يساهم في تعزيز الأمن الغذائي الوطني ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتقلبات العالمية.
كما يوضح هذا الاعتماد على القمح الفرنسي الدور المحوري للمغرب كلاعب رئيسي في سوق الحبوب على المستوى الأفريقي والمتوسطي، إذ تسعى المملكة إلى تأمين توريدات مستقرة تمكنها من مواجهة أي صدمات محتملة في الأسواق العالمية، سواء كانت بسبب عوامل سياسية أو اقتصادية أو بيئية. ويعتبر هذا التوجه جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز الأمن الغذائي الوطني وتوفير الحبوب الأساسية بأسعار معقولة للسكان.
ويشير الخبراء إلى أن استقرار توريدات القمح الفرنسي يتيح للمغرب الاستفادة من شبكة توريد مستقرة نسبياً مقارنة بالدول الأخرى المنتجة، خصوصاً روسيا وأوكرانيا، التي تواجه تقلبات قد تؤثر على صادراتها. كما أن هذه الاستراتيجية تعكس حرص المغرب على تقليص المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مصادر متعددة غير مستقرة وضمان توفر الاحتياطي الاستراتيجي