وأوضح الجواهري أن المغرب اختار منهج الاستهداف المباشر للفئات المستحقة عبر السجل الاجتماعي الموحد، بدل الاستمرار في دعم شامل يشمل الجميع، وهو خيار معقد يحتاج إلى وقت وجهد، لكنه يسير في الاتجاه الصحيح رغم العراقيل. وأشار إلى أن الهدف الأساسي من الإصلاح هو توجيه الدعم إلى الفئات الفعلية المستحقة، متسائلًا: "غير معقول أن يستفيد شخص ميسور لديه سائق خاص من دعم الخبز بنفس السعر الذي يحصل عليه السائق نفسه".
وأكد أن آليات السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان تمثل أدوات مركزية لتحديد المستفيدين الحقيقيين من دعم المقاصة، مشددًا على أن أي إصلاح من هذا الحجم بطبيعته يواجه تحديات وظروف اقتصادية واجتماعية قد تؤخر تنفيذه. ومع ذلك، شدد على أن التأجيل المستمر ليس خيارًا مقبولًا، وأن استئناف الإصلاح ومواصلة المسار هو السبيل الأمثل لتحقيق النتائج المرجوة.
وأشار الجواهري إلى أن الإرادة السياسية تظل العامل الحاسم لإنجاح أي إصلاح، معتبراً أن كل قرار إصلاحي يحتوي على جوانب قد لا يحظى بالإجماع، وهو أمر طبيعي في سياق الإصلاحات الكبرى. وأوضح أن انتظار "اللحظة المثالية" لاتخاذ القرارات الصعبة يؤدي حتمًا إلى تعطيل الإصلاحات إلى أجل غير مسمى، مستحضرًا تجربته خلال برنامج التقويم الهيكلي في ثمانينات القرن الماضي، حين كانت المبررات لتأجيل الإصلاح تتكرر تارة بداعي تزامنه مع الدخول المدرسي وأخرى مع رمضان أو الأعياد، متسائلاً: "إذا كنا سنؤجل دائمًا، فمتى سننفذ الإصلاح؟".
وفيما يتعلق بمواجهة التضخم، أكد الجواهري أن تدخل بنك المغرب كان سريعًا وفعالًا، من خلال رفع سعر الفائدة في الوقت المناسب لتفادي انفلات توقعات الأسعار، مشيرًا إلى أن الأسعار المرتفعة يصعب إعادتها إلى مستوياتها السابقة، وأن أي تأخير في التدخل يعقد السيطرة على الوضع ويعزز ما يعرف بانفلات توقعات التضخم. وأوضح أن الفارق بين المعدلات الرسمية للتضخم والشعور اليومي للمواطنين بغلاء المعيشة أمر عالمي، حيث يتفاعل الناس مع الأسعار الفعلية للسلع والخدمات وليس الأرقام الإحصائية.
كما أشار الجواهري إلى أن بعض المواد شهدت ارتفاعات قياسية، مثل الزيت، وأن انخفاض الأسعار لا يكون فوريًا حتى بعد تراجع الضغوط، ما يستدعي يقظة مستمرة تجاه توقعات التضخم. وشدد على أن التدخل المبكر "في اللحظة الأولى" هو الخيار الأمثل لتجنب تفاقم الأوضاع.
من جهة أخرى، لفت الجواهري إلى أن التجارب الدولية أظهرت تأثر العملات المحلية بالتضخم، غير أن المغرب حافظ على استقرار الدرهم لأكثر من عقد رغم تقلبات السوق العالمية، وهو عامل أساسي في الحفاظ على التوازنات الاقتصادية، وفق قوله. واختتم حديثه بنبرة فكاهية، مشيرًا إلى أن زملاءه من محافظي البنوك المركزية في الخارج يسألون عن سر هذا الاستقرار، فيجيبهم: "لدينا نوع من البركة"
الرئيسية





















































