هذا التقدم ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية متكاملة اعتمدتها الرباط بقيادة الملك محمد السادس، الذي أرسى معالم نموذج تنموي يقوم على ترسيخ الاستقرار وتحديث البنيات وتحسين مناخ الأعمال، بما يعزز من تموقع المغرب على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويظهر تصدر المغرب لهذا الترتيب أن المملكة استطاعت أن تكسب ثقة المستثمرين الدوليين، بفضل ما توفره من بيئة استثمارية محفزة، تتسم بالاستقرار السياسي، والبنية التحتية المتقدمة، والحوافز الجبائية، وتبسيط المساطر الإدارية، مما جعلها تتفوق على عدد من الدول الإفريقية التي لا تزال تعاني من اضطرابات أو ضعف في منظوماتها الاقتصادية.
الإنجاز المغربي في هذا التصنيف يعكس أيضا النتائج الإيجابية التي حققتها المملكة في مجالات النقل والاتصالات واللوجستيك، إذ باتت تتوفر على موانئ ومطارات وطرق حديثة تربط مختلف مناطق البلاد وتفتحها على أوروبا وإفريقيا، ما يمنحها أفضلية استراتيجية في مجال التجارة الدولية. كما يشكل توفر يد عاملة مؤهلة عاملاً إضافياً لجذب الاستثمارات نحو قطاعات حيوية ومتنوعة.
ويعزز الموقع الجغرافي الفريد للمغرب، الذي يشكل نقطة التقاء بين ضفتي الأطلسي والمتوسط، جاذبيته كمركز اقتصادي إقليمي، وهو ما تراهن عليه الرباط في إطار سياسة تنويع الشركاء الاقتصاديين والانفتاح على أسواق جديدة، من خلال التركيز على الصناعات التصديرية والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة.
ومن المنتظر أن تساهم تدفقات الاستثمار الأجنبي في خلق فرص شغل جديدة وتحسين مؤشرات النمو، إلى جانب نقل التكنولوجيا وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. كما يمكن لهذه الدينامية أن تنعكس إيجاباً على التوازنات المالية من خلال رفع الصادرات وتطوير البنية التحتية.
وبحسب التقرير ذاته، احتل المغرب المركز 34 عالمياً من أصل 68 دولة شملها التصنيف، بحصوله على تقييم ائتماني بدرجة "BBB" ونقطة إجمالية بلغت 68.5. واستند التقرير إلى ستة مؤشرات رئيسية تشمل آفاق العمل، والعائدات المالية، وجودة الحياة، وسهولة انتقال الأسر، وملاءمة البيئة الاجتماعية، والاستقرار المعيشي