في عام 2024، كانت روسيا تحتل المركز الثاني بين موردي القمح الطري إلى المغرب بعد فرنسا، حيث بلغ إجمالي الكميات المستوردة نحو 10 ملايين قنطار، ما يعكس حجم العلاقات التجارية الكبيرة بين البلدين في قطاع الحبوب. يأتي هذا في ظل حرص المغرب على تأمين احتياجاته الغذائية وسط تغييرات كبيرة في السياسات الزراعية والتجارية العالمية، نتيجة الأزمات المناخية والجيوسياسية التي تؤثر على سلاسل التوريد الدولية. ومع استمرار هذه التحديات، يتجه المغرب إلى تعزيز مصادره وتوسيع قاعدة استيراده من عدة دول لتفادي أي أزمات محتملة قد تؤثر على الأمن الغذائي الوطني.
يأتي هذا التراجع في واردات القمح الروسي متزامنًا مع انخفاض كبير في الإنتاج المحلي، حيث بلغ محصول الحبوب في المغرب خلال سنة 2023 حوالي 55.1 مليون قنطار، أي ما يعادل نحو 5.51 ملايين طن، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 67 في المئة مقارنة بموسم 2021-2022، بسبب موجة الجفاف الحادة التي ضربت مناطق واسعة من البلاد، إضافة إلى ضعف انتظام التساقطات المطرية وعدم توفر الظروف المناخية المناسبة لنمو المحاصيل. نتيجة لذلك، أصبح المغرب يعتمد بشكل أكبر على الواردات لتغطية الطلب المحلي المتزايد على القمح، الذي يستهلكه المواطن المغربي بكميات كبيرة، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد السنوي ما يفوق 200 كيلوغرام، وهو من بين أعلى المعدلات عالميًا.
وتشير التقديرات إلى أن المغرب يحتاج إلى واردات سنوية تتراوح بين 9 و10 ملايين طن من القمح لتلبية الطلب المتزايد، وهو ما يجعل تأمين مصادر مستقرة وموثوقة للقمح أمرًا حيويًا للحفاظ على استقرار الأسواق الداخلية وأسعار المواد الغذائية الأساسية. ومع استمرار التحديات المناخية وتأثيراتها على الإنتاج المحلي، يظل التنويع في الاستيراد من الدول المختلفة هو الخيار الأمثل لضمان الأمن الغذائي، إلى جانب تطوير استراتيجيات زراعية وطنية تهدف إلى تحسين الإنتاج وزيادة صمود القطاع الفلاحي في مواجهة الظروف المتغيرة.