عودة الجدل حول ثنائية الحكم
هذه الخصوصية البنيوية في النظام السياسي الجزائري جعلت من المؤسسة العسكرية فاعلاً مركزياً لا يقتصر دوره على حماية الحدود، بل يمتد إلى ضبط التوازنات الداخلية، وتوجيه المسارات السياسية في لحظات الأزمات والتحولات الكبرى.
وفي السنوات الأخيرة، عاد النقاش حول طبيعة العلاقة بين رئاسة الجمهورية وقيادة المؤسسة العسكرية إلى الواجهة، مع بروز ما يشبه ثنائية حكم غير معلنة. فقد بدا أن مراكز النفوذ داخل هرم السلطة لم تعد دائماً متطابقة في الرؤية أو المصالح، ما أعاد إلى الأذهان تجارب سابقة في التاريخ الجزائري، حيث كانت التحالفات بين السياسي والعسكري غالباً ظرفية، سرعان ما تتحول إلى صراعات صامتة أو مواجهات مفتوحة.
هذا الوضع يعكس هشاشة التوازنات القائمة، ويؤكد أن العلاقة بين الطرفين لم تُحسم بعد ضمن إطار مؤسساتي واضح، بل لا تزال خاضعة لمنطق القوة والظرفية السياسية.
يستخدم بعض المراقبين تعبير “الغدر السياسي” لوصف لحظات الانقلاب على التوافقات داخل السلطة، أو كسر التوازنات التي تُبنى مؤقتاً بين الفاعلين الرئيسيين. ولا يُقصد بالغدر هنا معناه الأخلاقي المباشر، بل دلالته السياسية، أي إقصاء الشريك، أو تحميله كلفة الأزمات، أو إعادة رسم موازين القوة على حسابه.
وفي السياق الجزائري، غالباً ما ارتبطت هذه اللحظات بتحولات مفصلية، يتم فيها التضحية بأحد أطراف التحالف للحفاظ على استمرارية النظام، أو لإعادة إنتاجه بصيغة جديدة.
يطرح هذا الواقع تساؤلاً جوهرياً حول طبيعة العلاقة بين الرئاسة وقيادة الجيش: هل نحن أمام شراكة استراتيجية قائمة على توزيع أدوار واضح ومستدام؟ أم مجرد هدنة فرضتها الظروف الداخلية والخارجية، في انتظار لحظة الحسم؟
التاريخ السياسي الجزائري يوحي بأن مراكز القوة نادراً ما تتعايش طويلاً دون احتكاك، خاصة عندما تتقاطع ملفات حساسة مثل الشرعية السياسية، والتحكم في الموارد الاقتصادية، والتمثيل الشعبي. ففي غياب مؤسسات قوية تفصل بين السلطات وتضبط أدوارها، يبقى الصراع كامناً، حتى وإن بدا المشهد مستقراً في الظاهر.
أزمة بنيوية لا أزمة أشخاص
غير أن اختزال هذا الإشكال في صراع بين شخصيات بعينها يظل تبسيطاً مخلاً. فالأزمة أعمق من ذلك، وتتعلق ببنية نظام سياسي لم يحسم بعد خياره النهائي بين دولة مدنية خاضعة للمساءلة الشعبية، ودولة تلعب فيها المؤسسة العسكرية دور الحكم والفاعل في آن واحد.
هذا التردد البنيوي ينعكس سلباً على مسار الانتقال السياسي، ويُبقي البلاد في حالة من الضبابية، حيث تغيب القواعد الواضحة لتداول السلطة، ويظل منطق القوة حاضراً بقوة في إدارة الشأن العام.
وفي ظل هذا المشهد المعقّد، يبقى السؤال مطروحاً بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية: عندما تضيق دوائر السلطة وتتصادم المصالح، من سيسبق إلى كسر التحالف؟
هل تكون الغلبة للمؤسسة العسكرية ممثلة في قيادتها الحالية، أم لرئاسة الجمهورية باعتبارها الواجهة الدستورية للحكم؟
أم أن التجربة الجزائرية ستعيد إنتاج سيناريو مألوف، يكون فيه الخاسر الحقيقي هو الثقة الشعبية في النظام السياسي ككل، في ظل استمرار الغموض، وغياب أفق واضح للإصلاح السياسي الحقيقي؟
وفي السنوات الأخيرة، عاد النقاش حول طبيعة العلاقة بين رئاسة الجمهورية وقيادة المؤسسة العسكرية إلى الواجهة، مع بروز ما يشبه ثنائية حكم غير معلنة. فقد بدا أن مراكز النفوذ داخل هرم السلطة لم تعد دائماً متطابقة في الرؤية أو المصالح، ما أعاد إلى الأذهان تجارب سابقة في التاريخ الجزائري، حيث كانت التحالفات بين السياسي والعسكري غالباً ظرفية، سرعان ما تتحول إلى صراعات صامتة أو مواجهات مفتوحة.
هذا الوضع يعكس هشاشة التوازنات القائمة، ويؤكد أن العلاقة بين الطرفين لم تُحسم بعد ضمن إطار مؤسساتي واضح، بل لا تزال خاضعة لمنطق القوة والظرفية السياسية.
يستخدم بعض المراقبين تعبير “الغدر السياسي” لوصف لحظات الانقلاب على التوافقات داخل السلطة، أو كسر التوازنات التي تُبنى مؤقتاً بين الفاعلين الرئيسيين. ولا يُقصد بالغدر هنا معناه الأخلاقي المباشر، بل دلالته السياسية، أي إقصاء الشريك، أو تحميله كلفة الأزمات، أو إعادة رسم موازين القوة على حسابه.
وفي السياق الجزائري، غالباً ما ارتبطت هذه اللحظات بتحولات مفصلية، يتم فيها التضحية بأحد أطراف التحالف للحفاظ على استمرارية النظام، أو لإعادة إنتاجه بصيغة جديدة.
يطرح هذا الواقع تساؤلاً جوهرياً حول طبيعة العلاقة بين الرئاسة وقيادة الجيش: هل نحن أمام شراكة استراتيجية قائمة على توزيع أدوار واضح ومستدام؟ أم مجرد هدنة فرضتها الظروف الداخلية والخارجية، في انتظار لحظة الحسم؟
التاريخ السياسي الجزائري يوحي بأن مراكز القوة نادراً ما تتعايش طويلاً دون احتكاك، خاصة عندما تتقاطع ملفات حساسة مثل الشرعية السياسية، والتحكم في الموارد الاقتصادية، والتمثيل الشعبي. ففي غياب مؤسسات قوية تفصل بين السلطات وتضبط أدوارها، يبقى الصراع كامناً، حتى وإن بدا المشهد مستقراً في الظاهر.
أزمة بنيوية لا أزمة أشخاص
غير أن اختزال هذا الإشكال في صراع بين شخصيات بعينها يظل تبسيطاً مخلاً. فالأزمة أعمق من ذلك، وتتعلق ببنية نظام سياسي لم يحسم بعد خياره النهائي بين دولة مدنية خاضعة للمساءلة الشعبية، ودولة تلعب فيها المؤسسة العسكرية دور الحكم والفاعل في آن واحد.
هذا التردد البنيوي ينعكس سلباً على مسار الانتقال السياسي، ويُبقي البلاد في حالة من الضبابية، حيث تغيب القواعد الواضحة لتداول السلطة، ويظل منطق القوة حاضراً بقوة في إدارة الشأن العام.
وفي ظل هذا المشهد المعقّد، يبقى السؤال مطروحاً بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية: عندما تضيق دوائر السلطة وتتصادم المصالح، من سيسبق إلى كسر التحالف؟
هل تكون الغلبة للمؤسسة العسكرية ممثلة في قيادتها الحالية، أم لرئاسة الجمهورية باعتبارها الواجهة الدستورية للحكم؟
أم أن التجربة الجزائرية ستعيد إنتاج سيناريو مألوف، يكون فيه الخاسر الحقيقي هو الثقة الشعبية في النظام السياسي ككل، في ظل استمرار الغموض، وغياب أفق واضح للإصلاح السياسي الحقيقي؟
الرئيسية























































