البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يخفض أسعار الفائدة وسط انقسام داخلي وتحديات اقتصادية

على الرغم من أن القرار كان متوقعًا على نطاق واسع من قبل الأسواق المالية، إلا أن التصويت داخل لجنة السياسة النقدية كشف عن توترات واضحة. فقد عارض ثلاثة من الأعضاء الاثني عشر القرار: اثنان منهم، من بينهم جيفري شمد (احتياطي كانساس) وأوستان جولزبي (احتياطي شيكاغو)، أرادا إبقاء الفائدة دون تغيير، بينما طالب عضو جديد تم تعيينه من قبل دونالد ترامب بخفض أكبر بمقدار نصف نقطة. وأكد الاحتياطي الفيدرالي أن حجم وتوقيت أي تعديلات مستقبلية ستعتمد بشكل صارم على مؤشرات الاقتصاد.

خلال المؤتمر الصحفي، أوضح رئيس البنك، جيروم باول، أن أسعار الفائدة الحالية مناسبة لتقييم مسار الاقتصاد الأمريكي، مع الإشارة إلى وجود مخاطر مستمرة تتمثل في تضخم أعلى من الهدف البالغ 2% وبعض علامات التباطؤ في سوق العمل.

وتزامن قرار البنك مع فترة شلل مالي جزئي في الخريف، مما أدى إلى توقف نشر عدة مؤشرات اقتصادية مهمة. وتشير البيانات الأخيرة إلى أن معدل البطالة بلغ 4.4% والتضخم 2.8%، أي أعلى من الهدف. وأدى نقص البيانات إلى ضعف القاعدة الإحصائية التي تعتمد عليها التوقعات الاقتصادية، حيث من المقرر صدور بيانات جديدة الأسبوع المقبل.

وأظهرت أحدث التوقعات أن الاقتصاد الأمريكي قد يسجل نموًا بنسبة 2.3% في 2026 مقابل 1.8% سابقًا، وأن يصل التضخم إلى 2.4% بدل 2.6%، مع استقرار البطالة عند 4.4%. ومن المتوقع تخفيض واحد فقط جديد لأسعار الفائدة خلال العام القادم.

وفي سياق التغيير السياسي، ينتهي عهد جيروم باول في رئاسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في ربيع 2026، مع إمكانية تعيين خلف له من قبل الرئيس الأمريكي، الذي عاد إلى البيت الأبيض، مع تفضيل سياسة نقدية أكثر مرونة، بينما قد يشغل مسؤولون معروفون بتشديدهم على مكافحة التضخم مناصب مؤثرة، ما يعكس التوازن بين دعم الاقتصاد ومكافحة التضخم.

وتأتي هذه السياسة النقدية في ظل ضغط اقتصادي وسياسي مستمر، بعد أن كان البنك قد خفض الفائدة سابقًا لتجنب موجة تسريحات عمالية، في حين ظل يقاوم الضغوط السياسية من الرئيس السابق بشأن خفض أكبر. وبينما تترقب الأسواق القرارات المقبلة، يبقى الاحتياطي الفيدرالي مرنًا في تعديل سياسته وفقًا للمعطيات الاقتصادية، وسط حالة من عدم اليقين تحيط بالمشهد المالي الأمريكي.