تضارب المصالح… الورطة الأكبر
لم تهدأ العاصفة التي أثارتها تصريحات عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، داخل البرلمان، حين تحدث عن “تحويل وزارة الصحة إلى وزارة للصفقات”، متهماً الوزير الوصي بتفويت صفقة استيراد دواء لشركة يملكها زميله في الحكومة، محمد سعد برادة. فقد شكّلت هذه الاتهامات أول اختبار حقيقي للوزير الجديد، الذي حاول نفي كل ما راج حول وجود تضارب مصالح.
غير أن تصريحات بوانو لم تتوقف عند الاتهام الأول، بل دعمها لاحقاً بوثائق ومحاضر رسمية، أكد أنها تثبت استمرار برادة في حضور اجتماعات مجالس إدارة شركته حتى بعد توليه منصبه الوزاري. هذه الوثائق—التي يعود بعضها إلى يونيو وشتنبر 2025—عززت الشكوك حول حقيقة تخلّيه عن إدارة الشركة، وأعادت طرح أسئلة قانونية وأخلاقية حول مدى احترامه لمبدأ فصل السلطة عن المصالح الخاصة.
وبينما كان الوزير يحاول الخروج من دائرة الشكوك، وجد نفسه في قلب عاصفة جديدة أشدّ ضراوة، حين خرج خلال لقاء حزبي بميسور بتصريحات وُصفت بـ"العبثية"، دعا فيها أسر القرى إلى تسجيل أبنائها في “مدارس الريادة” حتى ولو كانت تبعد كيلومترات عن مساكنهم. والأسوأ أنه هاجم أساتذة المدرسة العمومية “العادية”، واصفاً بعضهم بـ"غير الجديين" و"المكفسين"، في خطاب زاد من غضب الأسرة التعليمية وأثار موجة سخرية واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولأن الضرر كان كبيراً، سارعت الصفحة الرسمية لحزب التجمع الوطني للأحرار إلى حذف الفيديو الذي ظهر فيه الوزير، بعد أن تحول إلى مادة للتندر وانتقاد السياسات العمومية في التعليم.
ولقد بدا واضحاً أن الوزير اختزل إصلاح المنظومة التعليمية برمتها في تعميم “مدارس الريادة”، وهمٌّ ظل يقدمه حلاً سحرياً أينما حلّ. بل ذهب إلى الادعاء بأن دولاً كفرنسا وبريطانيا ترغب في استلهام التجربة المغربية. غير أن الواقعية تكذب هذا الخطاب، خاصة مع توالي الشهادات التي تكشف عن اختلالات بنيوية داخل هذه المدارس نفسها، كان أبرزها فيديو لأم كشفت ما وصفته بـ“العبث” في كراس ابنتها بمستوى الثانية إعدادي.
ليس سرّاً أن الوزير محمد سعد برادة ارتكب أخطاء فادحة، سواء عبر تصريحاته غير المسؤولة أو من خلال طريقة تدبيره لقطاع حيوي يتطلب خبرة، كفاءة، ورؤية واضحة. لكن الإشكال الجوهري لا يكمن فيه وحده؛ بل في الجهة التي وضعت بين يديه هذا المنصب الاستراتيجي، دون تقييم دقيق لمدى أهليته وقدرته على مواجهة تحديات قطاع مأزوم منذ عقود.
فإصلاح التعليم لا يتحقق بالخطابات الشعبوية ولا بتجارب ظرفية، بل يستلزم إرادة سياسية حقيقية، رؤية بعيدة المدى، واستثماراً في الإنسان قبل البنيات. وكلما غابت هذه العناصر، تحول الوزراء إلى حلقات جديدة في سلسلة الإخفاقات التي أثقلت كاهل المدرسة العمومية.
إن ما يعيشه قطاع التربية الوطنية اليوم من ارتباك وانتقادات، يعكس خللاً كبيراً في آليات التعيين والتقييم، ويطرح سؤالاً جوهرياً:
هل يمكن لقطاع حساس كالتعليم أن يدار بمنطق التجريب وتوزيع الحقائب على أساس الولاءات أو الخبرات الخارجية غير المتصلة بصلب المجال؟
ومن الواضح أن الإجابة تتجه نحو “لا”، وأن مستقبل المدرسة المغربية يظل رهيناً بمدى قدرة الفاعلين على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب—لا العكس.
غير أن تصريحات بوانو لم تتوقف عند الاتهام الأول، بل دعمها لاحقاً بوثائق ومحاضر رسمية، أكد أنها تثبت استمرار برادة في حضور اجتماعات مجالس إدارة شركته حتى بعد توليه منصبه الوزاري. هذه الوثائق—التي يعود بعضها إلى يونيو وشتنبر 2025—عززت الشكوك حول حقيقة تخلّيه عن إدارة الشركة، وأعادت طرح أسئلة قانونية وأخلاقية حول مدى احترامه لمبدأ فصل السلطة عن المصالح الخاصة.
وبينما كان الوزير يحاول الخروج من دائرة الشكوك، وجد نفسه في قلب عاصفة جديدة أشدّ ضراوة، حين خرج خلال لقاء حزبي بميسور بتصريحات وُصفت بـ"العبثية"، دعا فيها أسر القرى إلى تسجيل أبنائها في “مدارس الريادة” حتى ولو كانت تبعد كيلومترات عن مساكنهم. والأسوأ أنه هاجم أساتذة المدرسة العمومية “العادية”، واصفاً بعضهم بـ"غير الجديين" و"المكفسين"، في خطاب زاد من غضب الأسرة التعليمية وأثار موجة سخرية واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولأن الضرر كان كبيراً، سارعت الصفحة الرسمية لحزب التجمع الوطني للأحرار إلى حذف الفيديو الذي ظهر فيه الوزير، بعد أن تحول إلى مادة للتندر وانتقاد السياسات العمومية في التعليم.
ولقد بدا واضحاً أن الوزير اختزل إصلاح المنظومة التعليمية برمتها في تعميم “مدارس الريادة”، وهمٌّ ظل يقدمه حلاً سحرياً أينما حلّ. بل ذهب إلى الادعاء بأن دولاً كفرنسا وبريطانيا ترغب في استلهام التجربة المغربية. غير أن الواقعية تكذب هذا الخطاب، خاصة مع توالي الشهادات التي تكشف عن اختلالات بنيوية داخل هذه المدارس نفسها، كان أبرزها فيديو لأم كشفت ما وصفته بـ“العبث” في كراس ابنتها بمستوى الثانية إعدادي.
ليس سرّاً أن الوزير محمد سعد برادة ارتكب أخطاء فادحة، سواء عبر تصريحاته غير المسؤولة أو من خلال طريقة تدبيره لقطاع حيوي يتطلب خبرة، كفاءة، ورؤية واضحة. لكن الإشكال الجوهري لا يكمن فيه وحده؛ بل في الجهة التي وضعت بين يديه هذا المنصب الاستراتيجي، دون تقييم دقيق لمدى أهليته وقدرته على مواجهة تحديات قطاع مأزوم منذ عقود.
فإصلاح التعليم لا يتحقق بالخطابات الشعبوية ولا بتجارب ظرفية، بل يستلزم إرادة سياسية حقيقية، رؤية بعيدة المدى، واستثماراً في الإنسان قبل البنيات. وكلما غابت هذه العناصر، تحول الوزراء إلى حلقات جديدة في سلسلة الإخفاقات التي أثقلت كاهل المدرسة العمومية.
إن ما يعيشه قطاع التربية الوطنية اليوم من ارتباك وانتقادات، يعكس خللاً كبيراً في آليات التعيين والتقييم، ويطرح سؤالاً جوهرياً:
هل يمكن لقطاع حساس كالتعليم أن يدار بمنطق التجريب وتوزيع الحقائب على أساس الولاءات أو الخبرات الخارجية غير المتصلة بصلب المجال؟
ومن الواضح أن الإجابة تتجه نحو “لا”، وأن مستقبل المدرسة المغربية يظل رهيناً بمدى قدرة الفاعلين على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب—لا العكس.
الرئيسية























































