وتُظهر البيانات الرسمية أن الوزارة تدير اليوم عشر منصات رقمية نشطة، تستقبل نحو 1.8 مليون زيارة شهرية، 70% منها لشريحة الشباب، مما يعكس نجاحا واضحا في جذب جمهور جديد يستهلك المحتوى الديني عبر وسائل حديثة ومبتكرة. وقد ساهم بث خطب الجمعة والدروس عبر هذه المنصات، إلى جانب تطوير مكتبة رقمية تضم أكثر من 200 ألف مادة، في رفع مستوى التفاعل والتأثير.
وعلى صعيد الابتكار، أطلقت الوزارة في 2022 منصة متخصصة في الحديث النبوي الشريف، تقدم محتوى ثريا يتجاوز 12 ألف حديث، مع خدمة تفاعلية للإجابة على استفسارات الزوار، مما يدل على توجه نحو الدين التفاعلي الذي يبني جسورا مباشرة مع الجمهور. وفي إطار توسعة هذا النطاق الرقمي، تستعد الوزارة لإطلاق منصة جديدة مخصصة للقرآن الكريم وعلومه، لتعمق من خلالها الارتباط بالمعرفة الدينية الأصيلة.
لا تقتصر استراتيجية الوزارة على نشر المحتوى فقط، بل تتعدى ذلك إلى تأهيل العاملين في المجال الدعوي، عبر برنامج تدريبي رقمي يواكب التطورات التكنولوجية، مستهدفا أكثر من 3900 إمام ومرشدة، لتزويدهم بالمهارات الضرورية لإنتاج محتوى يتناسب مع متطلبات العصر ويصل إلى جميع الفئات، خاصة الشباب.
هذا التوجه الرقمي الجديد يشير إلى إدراك الوزارة أن الدين في عصرنا الرقمي لم يعد مقتصرا على الخطاب التقليدي، بل أصبح يتطلب أدوات تواصل أكثر حيوية وتفاعلية لمواجهة تحديات التشتت الفكري والتطرف. من هنا، تنبع أهمية إطلاق مكتبات رقمية متخصصة، وطبعة حديثة من “المصحف المحمدي” مع رموز QR التي تسهل الوصول إلى التلاوات والتفسيرات، مما يجعل الدين في متناول الجميع بسهولة ويسر.
يبقى التساؤل: هل تكفي هذه الخطوات التقنية لردم الفجوة بين الخطاب الديني الرسمي والشباب المنفتح على عوالم الإنترنت المتنوعة؟ فالنجاح الحقيقي لا يقاس فقط بعدد الزيارات أو المحتويات، بل بمدى تأثيرها في بناء وعي ديني معتدل، قادر على مواجهة خطاب التطرف والتشدد. كما أن الإلتزام بثوابت المملكة يحفظ هوية الخطاب ويضمن استمرارية تأصيل الدين في إطار وطني