الحفل الذي أقيم مساء الإثنين، شهد حضورًا جماهيريًا لافتًا، حيث توافد عشاق الأغنية الكلاسيكية من مختلف مدن المغرب لمعايشة تجربة فنية فريدة تستعيد رموز الزمن الجميل بتقنيات معاصرة. وسط أجواء يغمرها الشجن والنوستالجيا، تفاعل الجمهور بحرارة مع أشهر أغاني العندليب، مثل "جبار"، "بلاش عتاب"، "أول مرة تحب يا قلبي"، و"بتلوموني ليه"، التي أعيد تقديمها على نحو بصري وصوتي مبهر.
ولم تغب الأغاني الوطنية والعاطفية التي رسّخت حضور عبد الحليم في الذاكرة الجماعية، فقد ردد الحضور بحماسة مقاطع من "جانا الهوى"، "نار يا حبيبي نار" و"سواح"، في لحظات عاطفية بدت وكأنها تعيد الحياة إلى أحد أبرز أعلام الطرب العربي في القرن العشرين.
رغم النجاح الفني والتنظيمي الذي عرفه الحفل، إلا أن الجدل لم يكن بعيدًا عنه. فقد أصدرت عائلة عبد الحليم حافظ بيانًا رسميًا عبّرت فيه عن رفضها الصريح لإعادة إحياء ذكرى الفنان باستخدام تقنية الهولوغرام، معتبرة أن هذا التصرف يتعارض مع الحقوق القانونية والفنية التي تمتلكها جهة واحدة حصريًا، وفق تعاقد موثق يمنع استخدام اسم وصورة الفنان دون إذن رسمي.
من جانبها، حرصت جمعية "مغرب الثقافات"، الجهة المنظمة لمهرجان موازين، على التأكيد بأنها تحترم بشكل كامل جميع الحقوق القانونية المرتبطة بالعرض، مشددة على التزامها بالمعايير الدولية في هذا المجال، وتقديرها البالغ للرموز الفنية التي تشكل جزءًا من التراث العربي المشترك.
ويأتي هذا الحفل في سياق سعي مهرجان موازين، أحد أكبر المهرجانات الموسيقية في المنطقة، إلى دمج العراقة بالتكنولوجيا، واستحضار أيقونات الغناء العربي في عروض معاصرة تستقطب جمهورًا متنوعًا من مختلف الأجيال.
ومع هذا الإقبال الكبير على العروض التي تستعيد كبار الفنانين باستخدام الهولوغرام، يبدو أن تجربة "موازين" تفتح بابًا واسعًا أمام نقاشات فنية وقانونية وأخلاقية جديدة حول حدود استعادة الذاكرة الغنائية، وطريقة تكريم الراحلين في زمن الابتكار الرقمي