ويبرز فيرجيل سبيريدون، رئيس العمليات بمكتب برنامج الجريمة السيبرانية بمجلس أوروبا، في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، الدور المتقدم الذي يشغله المغرب داخل المنظومة الدولية، مشيرًا إلى أن المملكة لم تكتفِ بتطوير تشريعات متقدمة، بل تحولت إلى شريك بنيوي في برامج مجلس أوروبا، ولا سيما “العمل العالمي بشأن الجريمة السيبرانية”، حيث اضطلعت بدور قيادي إقليمي جعل منها نموذجًا على مستوى القارة.
ويشدد المسؤول الأوروبي على أن انخراط المغرب في اتفاقية بودابست والبروتوكول الإضافي الثاني وضعه في مرتبة متقدمة تشريعيًا، وهو ما يعكس قدرة المملكة على تبني معايير دولية راسخة وتكييفها مع سياقها الوطني. ويسجل أن قوة التجربة المغربية تكمن في ربط الجانب التشريعي بالبعد المؤسساتي والتكويني، بما يتيح بناء منظومة مرنة قادرة على التفاعل مع التهديدات الجديدة.
ويشير سبيريدون إلى أن الجريمة السيبرانية لم تعد محصورة في رقعة جغرافية معينة، بل أضحت ظاهرة كونية تتشابه تحدياتها بين إفريقيا وأوروبا وآسيا. ومع ذلك، يبرز التفاوت في حجم الموارد التي تستثمرها الشبكات الإجرامية، إضافة إلى تأثير التحول الرقمي المتسارع داخل الدول. وتتصدر الهجمات بالفدية، والاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تنفيذ الجرائم قائمة التهديدات الأكثر إلحاحًا.
ويؤكد الخبراء المشاركون في المنتدى أن تعزيز الإطار التشريعي داخل إفريقيا يشكل شرطًا أساسيًا لرفع مستوى الحماية الرقمية على مستوى القارة. كما يتيح للدول بناء منظومات دفاعية قادرة على مواكبة التكتيكات الجديدة للعصابات الإلكترونية، التي توسّع نشاطها باستمرار عبر الحدود وتستغل التطور التكنولوجي.
ويتقدم المغرب أيضًا على مستوى التعاون الدولي، إذ شارك مؤخرًا في هانوي في التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، في خطوة تعكس إرادة سياسية واضحة لتعزيز التنسيق العالمي، وتطوير آليات تبادل الخبرات والأدلة الرقمية بين الدول.
ومنحت أشغال المنتدى حيزًا واسعًا لمناقشة قضايا محورية، بدءًا من مواءمة القوانين الإفريقية مع المعايير الدولية، مرورًا بالتكامل بين اتفاقية بودابست ومعاهدة الأمم المتحدة، وصولًا إلى تتبع التدفقات المالية غير المشروعة والأصول الرقمية باعتبارها رافدًا أساسيًا لتمويل الجرائم الإلكترونية.
وتتيح الورشات الموضوعاتية التي نُظمت خلال هذا الحدث منصة لتبادل التجارب بين مختلف الخبراء والمشرعين، الذين ركزوا على الأدوات الجديدة التي يوفرها البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية بودابست، والتي تهدف إلى تعزيز قدرات الدول وتوحيد أساليب التعاون في مواجهة تصاعد الهجمات الرقمية
الرئيسية





















































