ورغم أن المواد القابلة لإعادة التدوير تشكل 40% من الكتلة الإجمالية للنفايات، فإن نسبة الفرز والتثمين على الصعيد الوطني لا تتجاوز 7%، ما يكشف عن اختلال مزدوج: ضعف في أنظمة الفرز من المصدر، وهشاشة في سلاسل التدوير والتثمين. وهو ما يحيل إلى غياب وعي مجتمعي بيئي كافٍ، وإلى محدودية أدوات التقنين والتحفيز الاقتصادي، خصوصًا في ظل هيمنة القطاع غير المهيكل على أنشطة جمع النفايات القابلة لإعادة الاستعمال.
استجابةً لهذا الوضع، أطلقت وزارة الداخلية برنامجًا وطنيًا جديدًا لتثمين النفايات (PNVDM) للفترة 2023-2034، برؤية استشرافية تروم تجاوز منطق الطمر نحو تثمين بيئي واقتصاد دائري. ويتميز البرنامج بجوانب طموحة، من بينها تعميم خدمات الجمع والكنس بنسبة 100%، ورفع معدل التثمين إلى 25% بحلول 2034، بتكلفة إجمالية تتجاوز 21 مليار درهم، في خطوة تنطوي على رهان استراتيجي يتعلق بتحسين الأداء البيئي والحكامة المحلية.
غير أن الرهان على الاقتصاد الدائري، الذي يقوم على إعادة التدوير وتقليص النفايات من المصدر، لن يتحقق في غياب بنية تحتية حديثة ومحفزات استثمارية للقطاع الخاص، فضلًا عن تطوير قدرات الجماعات الترابية التي تعاني في كثير من الأحيان من ضعف التمويل وغياب التأطير التقني.
البرنامج يندرج ضمن تحول نوعي، يسعى لتجاوز محدودية البرنامج السابق (PNDM) الذي اعتمد منذ 2008، عبر دمج مقاربات جديدة تشمل إشراك الفاعلين المحليين، ودعم المبادرات الخضراء، وإحداث وحدات للفرز بمواصفات بيئية متقدمة. كما يراهن على إصلاح المنظومة القانونية من خلال مراجعة الإطار التشريعي، وعلى رأسه القانون 28.00.
لكن التحديات التي تعترض هذا التحول تظل كثيرة، أبرزها ضعف الوعي المواطن بأهمية الفرز المنزلي، واستمرار العشوائية في تدبير النفايات داخل المدن المتوسطة والقرى، إضافة إلى الحاجة لبناء شراكات تمويلية مستدامة تضمن استمرارية المشاريع المبرمجة.
ويُعوَّل على هذا البرنامج ليكون رافعة للتنمية المستدامة محليًا، وركيزة للوفاء بالتزامات المغرب البيئية الدولية، خاصة فيما يخص تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن المطارح، وتحسين جودة العيش في المجال الحضري، الذي يظل أكبر مولد للنفايات وأكبر متضرر من تدبيرها غير السليم