وأشاد الملك في كلمته بالتزام الرئيس الفرنسي تجاه قضايا المحيطات، مشيرًا إلى أن هذا الالتزام يتماشى مع طموحات إفريقيا في تعزيز صوتها البحري والدفاع عن مصالحها في المحيطات التي تعد شريانًا حيويًا يمتد على أكثر من 30 ألف كيلومتر من السواحل الإفريقية المشتركة. وأكد أن المحيطات الإفريقية رغم غناها بالثروات، تعاني من ضعف في الاستثمار وافتقار للحماية الكافية، داعيًا إلى التحول من مجرد استغلال الإمكانات إلى تملك هذه الثروات وتنميتها بشكل فعّال.
وذكر الملك أن البيئة تشكل ركيزة في إدارة المحيطات، لكنه شدد على أن المحيط يمثل أكثر من ذلك بكثير، فهو يشكل مصدرًا للغذاء، وركيزة لمواجهة التغيرات المناخية، وقاعدة للأمن الطاقي، ورافدًا للتكامل والتماسك الإقليمي، فضلاً عن كونه جزءًا من هوية القارة وتراثها الذي سيترك للأجيال القادمة.
كما أبرز أهمية القطاعات المرتبطة بالاقتصاد الأزرق مثل الاستزراع المائي المستدام، الطاقات المتجددة البحرية، الصناعات المينائية، التقنيات الحيوية البحرية، والسياحة الساحلية المسؤولة، مشيرًا إلى ضرورة تطوير هذه القطاعات عبر هيكلة متكاملة وربطها بسلاسل قيمة معززة بالاستثمارات والمعايير اللازمة لتحقيق مستقبل أفضل.
وأشار الملك إلى مشاريع كبرى أطلقها المغرب مثل ميناء طنجة المتوسط والموانئ المستقبلية في الناظور والداخلة، معتبراً إياها محركات أساسية للنمو والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، داعيًا إلى توحيد الجهود لمواجهة التحديات البحرية التي تتجاوز الحدود الوطنية لتشمل القارة بأسرها.
ودعا إلى اعتماد مقاربة مشتركة لإدارة وحماية المحيط الأطلسي، مؤكداً على ضرورة تعاون دول إفريقيا لتعزيز سلاسل القيمة البحرية وتأمين طرق التجارة والحصول على نصيب عادل من الثروات البحرية، مع التأكيد على أهمية حماية التنوع البيولوجي البحري وتعزيز الأمن البحري وتوحيد المواقف الإفريقية في المحافل الدولية المتعلقة بالمحيطات.
وشدد على أن الشريط الأطلسي الإفريقي لم يحظَ بالاهتمام الكافي، رغم إمكاناته الكبيرة في ربط القارة وفتح آفاق التنمية، موضحًا مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية التي تهدف إلى تحويل هذه الواجهة إلى فضاء للحوار الأمني والاقتصادي والتكاملي على أساس إدارة جماعية.
كما أكد الملك أن رؤية المغرب للأطلسي الإفريقي تشمل ليس فقط الدول الساحلية، بل كذلك دول الساحل التي تحتاج إلى منافذ بحرية موثوقة، مشيرًا إلى مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي الذي يفتح آفاقًا جديدة للفرص الاقتصادية في غرب إفريقيا.
واختتم الملك رسالته بالتأكيد على أن المحيطات ستظل رابطًا حيويًا ومساحة مشتركة يجب حمايتها وإدارتها بحكمة لتكون منطلقًا للسلم والاستقرار والتنمية، مع تجديد التزام المغرب بدوره عبر مساحاته البحرية وسواحله الممتدة في هذه المسيرة الطموحة التي تضع إفريقيا في قلبها