فن وفكر

في الذكرى الواحدة والخمسين لوفاته، يُبعث علال الفاسي رقمياً ليخاطب جيل اليوم

بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لرحيل الزعيم علال الفاسي


شاشة سوداء تغمر المكان. ثم صوت جهوري، واضح، يحمل ثقلاً في نبرته. يظهر وجه بتقنية ثلاثية الأبعاد، نُسج في مختبر جامعة مغربية. إنه الزعيم علال الفاسي، بعينيه الثاقبتين، ونبرته الهادئة والواثقة. لا يبتسم. فهو لم يُستدعَ ليُجامل، بل ليقول الحقيقة، دون زخرفة رقمية.



أنا الظل والذاكرة لرجل آمن بكم، حتى قبل أن تُولدوا. اسمي علال الفاسي. وها أنا أعود إليكم، ليس بمعجزة من السماء، بل بفضل تكنولوجيا كنت أسميها يومًا معجزة العقل.

أنظر إليكم يا شباب المغرب سنة 2025. أنتم موصولون بكل العالم، لكن مقطوعون عن جذوركم. ترفعون شعارات على تيك توك، لكن كم منكم يعرف لماذا خرج أجدادكم في مسيرات الاستقلال؟ تحلمون بالهجرة، لكن لا تعرفون بعد كيف تبنون وطنًا هنا. أنتم أذكياء، لكن مُشتّتون. أحرار، لكن في كثير من الأحيان… فارغون. ومع ذلك، أنتم الجيل المنتظَر.

في زمننا، حلمنا بالتحرر. ونلناه. لكن التحرر كان مجرد بداية. المعركة الحقيقية لم نخضها بعد: معركة تغيير العقليات. قلتها يومًا في كتاب "النقد الذاتي": نحن بحاجة إلى ثورة في طريقة تفكيرنا. ثورة ناعمة، لكنها عميقة. عملية جراحية للروح، وتنظيف جذري للعادات التي تشلنا.

كنت متدينًا، وعقلانيًا. قدمي في القرآن وعيني على فلاسفة الأنوار. كنت أؤمن بأن الإيمان والعقل لا يتعارضان. وكنت أرفض أن تُسجنوا داخل تقاليد ميتة، كما أرفض أن تصبحوا نسخًا باهتة من الغرب. تقدُّمكم لا يُقاس بما تملكون من أدوات ذكية، بل بمدى قدرتكم على إنتاج أفكار حية.

التقدم الحقيقي هو الكرامة. والكرامة تبدأ حين تفكر بنفسك. حين تجرؤ على قول الحقيقة، حتى لو كانت موجعة. حين ترفض الزيف، وتُقاوم الظلم المُطبّع، وتكسر العادات التي بلا معنى. تلك هي الثورة الفكرية التي دعوتكم إليها. فهل امتلكتم شجاعة خوضها، وأنتم تحملون العالم كله في هواتفكم؟

أنتم الجيل الذي يستطيع. الذي يجب عليه أن يتحرك. لكن أولًا، عليكم الخروج من سبات الشاشة. ثوروا… لا في الشوارع بشعارات خاوية، بل في عقولكم. ثوروا ضد اللامبالاة، ضد الجهل، ضد الخمول. أفيقوا ضمائركم.

أما الديمقراطية التي تطالبون بها أحيانًا، فهي ليست صناديق اقتراع فقط. الديمقراطية أخلاق قبل أن تكون مؤسسات: احترام الآخر، قبول الاختلاف، الإخلاص في الحوار، والسهر على المصلحة العامة. وهي تبدأ من الصرامة مع الذات. أنتم مواطنون، لا زبائن. فاعلون، لا متفرجون.

لقد قاومت الاستعمار. لكن الاستعمار الأخطر ليس من الخارج. إنه الاستعمار الذي يسكننا. حين نقبل بالظلم لأننا تعبنا. حين نُسلّم عقولنا لأننا نخشى العزلة. إياكم والسجن بلا قضبان.

لست من دعاة الحنين. أنا بذرة من الماضي تتكلم إلى مستقبلكم. لا زلت أؤمن بكم. أؤمن أن بين الإيمان والعلم زواجٌ ممكن. وأن بين الشباب والذاكرة تحالفٌ مُثمر. وأن بين الشرق والغرب جسر يمكن أن يُبنى. تستطيعون أن تخلقوا مغربًا جديدًا: عادلًا، مثقفًا، روحانيًا دون ظلامية، حديثًا دون تقليد أعمى.

تعلموا، تأملوا، ثم تحركوا. لا تكونوا جيل المشاهدة والإعجاب والمشاركة فقط. كونوا جيل البناء. وإذا ارتبكتم يومًا، ارجعوا إلى "النقد الذاتي". بين سطوره، مغرب لم نُكمل بناءه. لكنه ينتظركم أن تولدوه.

فالشعب الذي لا يجرؤ على التفكير، سيظل يركض خلف القافلة. لا تكونوا في الذيل… كونوا أنتم من يحمل المشعل.

تنويه من هيئة التحرير

النص التالي هو عمل خيالي بحت. كل ما نُسب فيه إلى سي علال الفاسي من أقوال هو من وحي الخيال، في إطار تمرين على الخيال العلمي الاستشرافي. ولا يُمثّل بأي شكل من الأشكال تصريحات حقيقية للزعيم الوطني الراحل.

هذا التجسيد الرقمي الافتراضي يهدف فقط إلى إعادة إحياء أفكاره الكبرى، من خلال إسقاط تخيلي في مغرب سنة 2025. وأي تشابه مع مواقف أو آراء حالية إنما هو اختيار سردي محض، الغاية منه تحفيز التفكير والمواطنة الواعية.




الاربعاء 14 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic