ويأتي هذا المشروع في ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها النمو السكاني المتسارع، إذ سجّلت فاس ارتفاعًا بنسبة 11.3% في عدد السكان منذ سنة 2014، وهي نسبة تتجاوز المعدل الوطني، مع توقعات بوصول ساكنة المدينة إلى حوالي 1.368 مليون نسمة بحلول عام 2030، هذا التحول الديمغرافي فرض على السلطات المحلية ضرورة وضع مخطط مستقبلي قادر على الاستجابة للطلب المتزايد على وسائل التنقل.
وستؤسس الشركة الجديدة برأسمال ابتدائي قدره 5 ملايين درهم، تساهم فيه جماعة فاس بحصة تقارب 90%، فيما ستشارك جهات ومؤسسات أخرى من بينها ولاية جهة فاس-مكناس، وجماعات المشور فاس، وأولاد الطيب، وسيدي حرازم، وعين البيضاء، بما يعكس طبيعة المشروع كشراكة مؤسساتية مندمجة.
وأظهرت الدراسة التقنية التمهيدية للمشروع أن الوضع الحالي للنقل بالحافلات في المدينة يعرف خصاصًا حادًا، حيث لا يتجاوز عدد الحافلات المستعملة 100 حافلة، وهو عدد غير كافٍ لتغطية احتياجات التنقل اليومية لسكان فاس والمناطق المجاورة، ما ينعكس على جودة الخدمة وسلاسة التنقل الحضري، ويساهم في تفاقم مظاهر الاكتظاظ والضغط المروري.
ولتجاوز هذا النقص، يتضمن البرنامج الاستثماري اقتناء 250 حافلة جديدة باعتمادات مالية تصل إلى 300 مليون درهم، وهو ما سيُمكّن من تعزيز الأسطول بشكل ملموس وتحسين ظروف التنقل. كما يشمل المشروع تجهيز منظومة إلكترونية متطورة لتدبير الشبكة بكلفة 16 مليون درهم، مما سيساهم في تحديث الأداء ومتابعة مؤشرات الخدمة في الزمن الحقيقي.
ولضمان استمرارية وجودة خدمات النقل، سيتّم إنشاء مركز صيانة جديد يكلّف 100 مليون درهم، مما سيمكن من معالجة الأعطاب بشكل دوري وتقليص الأعطال التشغيلية. وفي خطوة نوعية، سيتم تطوير خطين لحافلات ذات مستوى عالٍ من الخدمة (BHNS)، وهي تقنية حديثة تجمع بين مزايا الحافلة والترامواي، بكلفة تقديرية تناهز 150 مليون درهم، مع تجهيزات خاصة لضمان السرعة والانتظام.
وتُعوّل جماعة فاس على دعم الدولة في تنفيذ هذه المشاريع، خصوصًا من خلال صندوق مواكبة إصلاحات النقل الطرقي الحضري، الذي يُعد أحد الآليات الوطنية لتمويل إصلاحات البنيات التحتية المرتبطة بالنقل في المدن الكبرى. وفي هذا الإطار، أكد عبد السلام البقالي، رئيس جماعة فاس، أن المشروع يمثل تحولا بنيويا في قطاع النقل المحلي، ويهدف إلى تحسين جودة حياة السكان، وتحقيق عدالة مجالية في الولوج إلى وسائل النقل العمومية