أخبار بلا حدود

غزة.. حقائب الأطفال تحولت إلى أمتعة التشرد


ٍعندما تشرق الشمس على غزة، لا يهرع الأطفال إلى مدارسهم كما في كل مكان بالعالم. بدلاً من ذلك، يستيقظون على أصوات القصف
في غزة، حيث يفترض أن تكون المدرسة مكاناً للمعرفة واللعب والراحة، أصبحت الصفوف الدراسية بديلا عن الملاجئ، حقائب الأطفال المدرسية استبدلت بحقائب الملابس، هناك، بين الأنقاض والجدران المهدمة، يعيش الأطفال الفلسطينيون واقعاً لم يختبره أي طفل آخر في العالم، واقعاً لا يعرف فيه الطفولة، فقط البحث غن الطعام والخوف من الغد.





ديانا، طفلة من حي الشجاعية، تحاول أن تجعل من المدرسة مكاناً آمناً لأسرتها النازحة، تقول بحزن: “بدلاً من أن أتعلم وألعب، أصبحنا نعيش داخل المدرسة. حقيبتي الآن مليئة بالملابس بدل الأقلام والكتب. كل يوم هو بحث عن الطعام والماء، لا عن المعرفة أو اللعب”.

في الزاوية المقابلة، تجلس جنا ذات التسع سنوات على حصيرة رقيقة، عيونها الصغيرة تبحث عن بصيص أمل: “نريد فقط العودة إلى المدرسة. نريد أن نضحك، أن نلعب، أن نكتب. هل هذا كثير أن نطلبه؟”.

ليس الأطفال وحدهم الذين يعانون؛ بل كل ركن في غزة يحكي قصة مأساة. مسك عبد الهادي فقدت والدها في الحرب، ويزيدها الألم حرمانها من التعليم. تقول وهي تحاول أن تمسح دموعها: “عامان من حياتنا ذهبا سدى. لولا الحرب لكنت الآن أشتري الأقلام والدفاتر، أستعد للفصل الجديد. لكننا الآن نبحث عن الماء والطعام. نحن أطفال.. لماذا نعاني هكذا؟”.

حتى الأعمال اليومية البسيطة أصبحت عبئاً ثقيلاً. ملاك الكفارنة تستبدل واجباتها المدرسية بجمع البلاستيك والكرتون لإشعال النار للطهي، بينما تتذكر مايا أيام المدرسة قبل الحرب وتصفها بأنها كانت “أجمل بكثير”، حين كان الفصل مكاناً للمعرفة، والضحك، والأمان.

تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن نحو 90% من مدارس غزة دُمرت بالكامل أو تضررت بشكل كبير، مما يجعل استئناف العملية التعليمية شبه مستحيل. الحرب لم تحرم الأطفال من التعليم فقط، بل تركت ملايين القلوب الصغيرة في حالة صدمة نفسية عميقة، جيل ضائع يتشكل أمام أعين العالم.

أما الضفة الغربية، فهي ليست بمنأى عن الألم. فقد بدأ نحو 46 ألف طفل من لاجئي فلسطين عامهم الدراسي الجديد، لكن مدارس المخيمات مثل جنين لا تزال صامتة بعد تهجير طلابها، وفي القدس الشرقية أغلقت ست مدارس للأونروا، ليُحرم 800 طفل من حقهم الطبيعي في التعلم، وسط تجاهل واضح للالتزامات الدولية.

كل يوم في غزة يشبه تحدياً جديداً. الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة، بل إلى صراع يومي للبقاء على قيد الحياة. هم لم يختاروا هذا الواقع، لكنهم يحملونه على أكتافهم الصغيرة. الأمل هو حقيبتهم المدرسية الوحيدة التي يصرون على عدم فقدانها، حتى في قلب الخراب.

وفي خضم هذا الواقع، يبقى السؤال المؤلم: أين العالم؟ أين من يحمي الأطفال؟. يحتاج أطفال غزة أكثر من الشعارات والوعود؛ يحتاجون مدارس آمنة، طعاماً، ماءً، فرصة للعب والتعلم، حياة طبيعية لم يعرفوها منذ سنوات. يحتاجون أن يعيشوا كأطفال، بعيداً عن القصف والخوف والخراب.

وكل طفل في غزة، كل يوم، يكتب بصمته الصغيرة على صفحة الخذلان، وعلى العالم أن يقرأها قبل فوات الأوان.

بقلم هند الدبالي 
 

غزة، أطفال فلسطين، الجيل الضائع، الحرب، المدارس، النزوح، الأونروا، الطفولة المهدورة، حقائق مأساوية، حقائب مدرسية، قصص إنسانية.





الاربعاء 3 سبتمبر 2025

              

مختصرات آخر الأخبار | أخبار بلا حدود


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic