عبد اللطيف حموشي في مرآة الاعتراف المؤسساتي

اللافت في هذا الاعتراف المؤسساتي هو أنه لم يقتصر على الإشادة بالجانب الأمني الصرف، بل توقف عند إصلاحات داخلية شملت تعزيز الشفافية في التدبير، وتطوير آليات الإدارة الأمنية، وفتح قنوات جديدة للتواصل مع الصحافة ووسائل الإعلام. وهي خطوات تكشف عن وعي عميق بأن الأمن لم يعد مجرد عملية تقنية أو عسكرية، بل صار منظومة متكاملة تقوم على الثقة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع، وعلى بناء جسور مع مختلف الفاعلين، بمن فيهم الإعلاميون الذين يُعدّون مرآة الرأي العام.

إنّ اختيار الهيئة للإشادة بحموشي في هذا التوقيت بالذات، هو في حد ذاته رسالة؛ رسالة مفادها أن المغرب استطاع أن يصوغ تجربة أمنية متميزة في محيط إقليمي مضطرب، وأن هذه التجربة تنهل من توجيهات ملكية واضحة تُعلي من شأن الأمن الوطني كركيزة أساسية للاستقرار والتنمية. فالمبادرات التي يشرف عليها المدير العام تعكس إخلاصًا للوطن وولاءً للملك محمد السادس، لكنها في الآن ذاته تحمل بعدًا مؤسساتيًا جديدًا يراعي التحولات الحقوقية والانتظارات الاجتماعية.

ولعل أهم ما يمكن استنتاجه من هذا البلاغ هو أنّ الأمن في المغرب لم يعد مجرد درع واقٍ ضد التهديدات، بل أصبح مشروعًا وطنيًا يتقاطع فيه البعد الحقوقي مع العمق الاستراتيجي، وتندمج فيه سلطة الدولة مع انفتاحها المؤسساتي. وهو ما يجعل التجربة المغربية نموذجًا فريدًا في المنطقة، حيث لم تعد المقاربة الأمنية بمعزل عن الإعلام والمجتمع المدني، بل باتت جزءًا من دينامية الإصلاح العام التي يعرفها المغرب.

في ضوء ذلك، يصبح عبد اللطيف حموشي أكثر من مجرد مسؤول أمني؛ إنه رمز لمرحلة جديدة في إدارة الشأن الأمني، مرحلة تنبني على الثقة والشفافية، وتؤمن بأن الاستقرار الحقيقي لا يقوم إلا على التحام الأمن بالحرية، والحزم بالانفتاح، والصرامة بالمسؤولية.