حياتنا

ظاهرة الدراجات النارية في مراكش: بين الفوضى والجهود الأمنية


تواجه مدينة مراكش أزمة متفاقمة ترتبط بالاستخدام العشوائي والخطير للدراجات النارية، التي أصبحت تشكل تهديدًا يوميًا للسلامة العامة، سواء بالنسبة للمارة أو حتى مستعمليها. ورغم الحملات المكثفة التي تشنها المصالح الأمنية لمحاربة الفوضى المرتبطة بهذه الوسيلة، إلا أن الوضع لا يزال بعيدًا عن الحل، مع استمرار مشاهد التهور والحوادث في مختلف شوارع المدينة.



الدراجة النارية: وسيلة نقل أم قنبلة موقوتة؟
لم تعد الدراجة النارية مجرد وسيلة اقتصادية وسريعة للتنقل، بل تحولت إلى مصدر خطر دائم يُفرز يوميًا مشاهد من الفوضى والتهور. في قلب المدينة وأطرافها، تتسبب هذه الدراجات في عشرات الحوادث اليومية، غالبًا ما يكون ضحاياها من الراجلين أو من سائقي الدراجات أنفسهم.

أحد أخطر مظاهر هذه الفوضى هو قيادة القاصرين للدراجات النارية دون مراقبة صارمة. هؤلاء السائقون، الذين يفتقرون إلى الخبرة الكافية والوعي الكامل بخطورة الطريق، يقودون مركباتهم بسرعات جنونية وبطرق استعراضية، دون احترام لقوانين السير أو ارتداء خوذات واقية. كما أن السير في الاتجاه المعاكس، واحتلال الأرصفة، ومضايقة المارة أصبحت مشاهد يومية تهدد حياة المواطنين، خاصة الأطفال والمسنين.

الجهود الأمنية: خطوة في الاتجاه الصحيح
تعمل المصالح الأمنية بمراكش على مواجهة هذه الظاهرة من خلال حملات تفتيش ومراقبة صارمة تستهدف الدراجات النارية. يتم التحقق من الوثائق القانونية، مصادرة الدراجات غير المرخصة، وتحرير مخالفات بحق المخالفين. هذه الحملات تسفر يوميًا عن حجز العشرات من الدراجات وضبط العديد من المخالفين، مما يُعد خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.

لكن رغم هذه الجهود، فإن تنامي عدد مستعملي الدراجات النارية وانتشارها العشوائي يتطلب معالجة أكثر شمولًا، تتجاوز الجانب الأمني إلى الجانبين الوقائي والتربوي.

الحاجة إلى مقاربة متعددة الأبعاد
يرى مهتمون بالشأن المحلي أن الجهود الأمنية وحدها لا تكفي ما لم تواكبها إرادة حقيقية من الأسر لتوعية أبنائها بأهمية احترام القانون. كما أن حملات التحسيس والتوعية ضرورية، خاصة تلك التي تستهدف القاصرين، لتنبيههم إلى مخاطر الاستعمال غير المسؤول للدراجات النارية.

بالإضافة إلى ذلك، شدد خبراء على ضرورة اتخاذ إجراءات مكملة، مثل:

تحديد السن القانوني الصارم لاستعمال الدراجات النارية وتفعيله على أرض الواقع.
إلزام بائعي الدراجات بأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار بدل التركيز على الربح المادي فقط.
وضع آليات للمراقبة الدائمة في المناطق ذات الكثافة المرتفعة، خاصة خلال فترات الذروة.

إن واقع الدراجات النارية في مراكش يكشف عن مفارقة حقيقية: بين جهود أمنية مشكورة، وبين مظاهر فوضى لا تزال تعيد إنتاج نفسها كل يوم. هذه الظاهرة تستدعي إعادة النظر في طرق التعامل معها ومع مستعمليها، في إطار مقاربة متعددة الأبعاد تبدأ من التحسيس والتشريع، وتمر عبر ضبط السوق، وتنتهي بإرساء ثقافة مرور تحترم الحق في الحياة والسلامة العامة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 5 أغسطس 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic