الاتفاق، الذي وقعته المديرة العامة للمكتب الوطني للصيد، أمينة الفكيكي، ونظيرها المدير العام للشركة الموريتانية، يحيى أحمد الوقف، يأتي في سياق جهود الجانبين لبناء نموذج شراكة يقوم على نقل المعرفة وتكامل التجارب الوطنية، في مجال يشكل رافعة اقتصادية واجتماعية محورية للبلدين، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة التي يواجهها قطاع الصيد البحري في المنطقة.
ويغطي بروتوكول التعاون تنفيذ برنامج عمل مشترك، يرتكز على عدة محاور عملية، منها تبادل الخبرات في مجال تدبير فضاءات التسويق، وتطوير الكفاءات البشرية من خلال تنظيم برامج تكوينية متخصصة، إضافة إلى تقاسم التجربة المغربية في مجال تدبير الحاويات الموحدة (caisses normalisées)، والتي تمثل إحدى الركائز اللوجستيكية المعتمدة لضمان جودة المنتجات السمكية وسلامة نقلها.
ومن المنتظر أن يشمل الدعم المغربي تقديم مواكبة تقنية مباشرة لفائدة الشركة الموريتانية، تشمل نقل التجربة الرقمية للمكتب الوطني للصيد، واعتماد معايير حديثة في مراقبة الجودة وتتبع مسار المنتجات البحرية من لحظة التفريغ إلى غاية التوزيع.
هذا التعاون يعكس إرادة سياسية واضحة لدى البلدين، ويستند إلى دعم فعلي من كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري بالمغرب، ما يمنحه بُعدًا استراتيجياً يتجاوز الطابع التقني، ليمتد إلى رؤية مشتركة لتثمين الموارد البحرية واعتماد مقاربة مستدامة تضمن ديمومة المخزون السمكي، وتستجيب لمتطلبات الأسواق الإقليمية والدولية.
وقد شهد حفل التوقيع حضور شخصيات رسمية بارزة، في مقدمتها سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالمغرب، أحمد ولد باهيه، والكاتب العام لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، إبراهيم بودينار، ما يعكس الطابع الرسمي والجاد لهذا المسار التعاوني، الذي يعزز علاقات الأخوة والتكامل بين البلدين الجارين.
ويأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية الموريتانية دينامية ملحوظة على مستوى مختلف المجالات، لا سيما في الميادين الاقتصادية واللوجستيكية، حيث يشكل قطاع الصيد البحري أحد أهم دعائم التعاون جنوب-جنوب، في أفق تطوير استراتيجية إقليمية للاستثمار الأزرق تحترم مبادئ الاستدامة وتراعي التحديات البيئية.
هذا التعاون المرتقب لا يقتصر فقط على الجانب المؤسسي، بل يُنتظر أن تكون له انعكاسات إيجابية على العاملين في القطاع، سواء من خلال تحسين ظروف العمل، أو فتح آفاق جديدة للتسويق والتصدير، ما قد يُسهم في خلق قيمة مضافة محلية ويعزز التنمية الاقتصادية للمناطق الساحلية في البلدين