وتكمن خطورة الواقعة في طبيعة الانتهاك ذاته: "نسخ ولصق" ما يقارب 99% من مؤلف علمي نُشر قبل أكثر من عقدين من الزمن، مع إضافات شكلية لا تتجاوز عشر صفحات. هذه الأرقام، وإن كانت صادمة، فإنها تكشف عن عمق أزمة أخلاقية تفتك بجزء من الجسم الجامعي، حيث يتحول الباحث من منتج للمعرفة إلى متطفل عليها، ومن مدافع عن الأمانة الفكرية إلى منتهك لها.
من الجانب القانوني، شكّل الحكم القضائي إشارة واضحة إلى أن القضاء المغربي بات يولي أهمية أكبر لحماية الحقوق الفكرية، حتى داخل أسوار الجامعة، التي طالما كانت في منأى عن الرقابة القضائية في ما يتعلق بمحتوى المؤلفات. كما أن تبليغ الحكم لجامعة ابن زهر يمثل خطوة رمزية باتجاه إشراك المؤسسات الجامعية في تحمّل مسؤولياتها الرقابية، لا سيما بعد أن ظل كثير من حالات الانتحال تمر بصمت أو تسوّى داخل كواليس المؤسسات.
أما من الناحية الأكاديمية، فإن تدريس الكتاب المنسوخ لطلبة القانون العام خلال الموسم الجامعي 2019-2020 يعمّق من خطورة الفعل، حيث يتحوّل النص المنسوخ إلى مرجع علمي مزيّف يُدرّس للأجيال، ويُمنح له شرعية زائفة من خلال اعتماده في البرامج البيداغوجية. وهذا ليس فقط طعنًا في مصداقية التعليم العالي، بل تهديد مباشر لبنية البحث العلمي الذي يفترض أن يُبنى على الابتكار، لا على السطو.
تداعيات الحكم تتجاوز الإدانة الفردية، فجامعة ابن زهر، التي سبق أن عرفت ملفات مشابهة، تجد نفسها مرة أخرى في مرمى انتقادات تتعلق بغياب آليات صارمة لمراقبة الإنتاج العلمي. الأمر الذي يثير تساؤلات مشروعة: أين كانت اللجان العلمية؟ وأين كانت المجالس البيداغوجية التي تُراجع المؤلفات؟ وهل باتت الجامعات تفتقد منظومة داخلية لتدقيق أعمال أطرها الأكاديمية؟