حياتنا

زحمة الطرقات تكشف هشاشة الانضباط الجماعي بالمجتمع المغربي


في شوارع المغرب المزدحمة، يظهر بوضوح ضعف احترام قواعد السير، حيث تعكس دراسة المركز المغربي للمواطنة مشهداً يومياً من الفوضى المرورية التي تتجاوز مجرد الحوادث إلى أزمة ثقافية عميقة ومتجذرة في سلوكيات الأفراد. فقد أكد 60.9% من المواطنين عدم احترام الإشارات المرورية، والالتزام الضعيف بالسلوكيات المطلوبة، مما يزيد من المخاطر ويؤثر سلباً على السلامة العامة. يتجلى هذا في تجاوز السائقين ممرات الراجلين، وانشغالهم المستمر بالهواتف المحمولة أثناء القيادة، وهو ما يجعل الطرقات أكثر خطورة ويهدد حياة الجميع، خاصة الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والمسنين.



على صعيد وسائل النقل العام، يعبر 54.8% من المستخدمين عن استيائهم من سلوكيات الركاب التي تتسم بالتدافع، والتوتر، وعدم احترام المساحات المخصصة للفئات الهشة مثل المسنين والنساء، ما يعكس تراجعاً في القيم الاجتماعية وينعكس سلباً على جودة الحياة في الفضاءات المشتركة. تتكرر حالات التزاحم والاشتباك اللفظي بين الركاب، إضافة إلى ضعف الانضباط داخل الحافلات والطرام، مما يزيد من معاناة المواطنين اليومية ويقلل من فرص التنقل الآمن والهادئ. هذا السلوك يعكس أزمة أعمق ترتبط بتراجع ثقافة الاحترام المتبادل والانضباط الاجتماعي.

 

كما يشير 60.7% من المغاربة إلى أن الالتزام بالمواعيد يشكل تحدياً في حياتهم اليومية، سواء في الإدارات أو في العلاقات العائلية والاجتماعية، مما يعكس ضعفاً في التنظيم وثقافة الالتزام المجتمعي. هذا النقص في احترام الوقت يسبب تأخيرات مستمرة في المعاملات الإدارية، ويضعف من فعالية العمل، كما يؤدي إلى توتر في العلاقات الشخصية والمهنية على حد سواء. إذ غالباً ما يُنظر إلى التأخير والتراخي في المواعيد على أنه أمر عادي ومقبول، وهو ما يؤثر على الإنتاجية ويزيد من الفوضى في المؤسسات والمجتمع.

 

ينبع جزء كبير من هذه السلوكيات السلبية من شعور متزايد بأن القانون يُطبّق بشكل غير عادل، حيث يرى كثيرون أن القواعد تُفرض فقط على الضعفاء، مما يفضي إلى لامبالاة عامة وسلوكيات فوضوية تُعتبر وسيلة للبقاء وسط بيئة حضرية معقدة. هذا الشعور يُضعف ثقة المواطن في المؤسسات ويؤثر على التماسك الاجتماعي. عندما يشعر الفرد أن القوانين لا تضمن له العدالة، يبدأ في تجاهلها أو التمرد عليها، مما يخلق دائرة مفرغة من الانفلات وعدم احترام النظام. ويتحول الالتزام بالقانون من واجب مدني إلى عبء غير مرغوب فيه، ويصبح الفوضى هي الخيار الأسهل للبعض.

 

مع ذلك، يبقى الانضباط شرطاً أساسياً لتحقيق الحرية وبناء مجتمع صحي ومتقدم. لذلك، لا بد من إعادة بناء علاقة المواطن بالقانون بحيث يُنظر إلى النظام كأداة للحماية والكرامة، لا كعقاب أو استبداد. يتطلب ذلك تضافر جهود التربية والإعلام والتشريع لتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل والالتزام، مما سينعكس إيجاباً على جودة الحياة والتنمية الاجتماعية في المغرب. إذ إن المجتمع الذي يحترم القانون هو المجتمع الذي يحترم أفراده، ويضمن لهم حقوقهم وحرياتهم. بدون انضباط جماعي، تبقى الجهود التنموية هشة، وتظل مشاريع التنمية معرضة للفشل بسبب الفوضى وعدم الاحترام المتبادل


الانضباط، المرور، قانون السير، وسائل النقل العمومي، احترام المواعيد، سلوكيات المواطنين، الفضاء العام


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 6 يونيو 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic