ففي غياب مراقبة صارمة، يستفيد بعض التجار من الظرفية المناسبة لفرض منطق السوق بدل منطق الخدمة. هذا الوضع يعكس من جهة هشاشة آليات حماية المستهلك، ومن جهة أخرى محدودية دور الدولة في ضبط السوق، خصوصًا خلال المناسبات التي يتضاعف فيها الاستهلاك وتزداد فيها الحاجة للتدخل التنظيمي
اللحوم الحمراء، ولا سيما الدوارة والكبدة، تحظى بمكانة خاصة في الثقافة الغذائية المغربية، وتتجاوز قيمتها مجرد المادة الغذائية إلى دلالات الطقوس الجماعية والتقاسم العائلي. يُنظر إلى هذه اللحوم كمكوّن أساسي في طقوس العيد، وغيابها قد يُفسّر كغياب للعيد نفسه.
هذه العلاقة الرمزية تجعل من صعوبة الوصول إليها مشكلة ليست اقتصادية فقط، بل ثقافية ونفسية أيضًا، خصوصًا في أوساط الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل. فالتقاليد تفرض على الأسر حضورًا غذائيًا معينًا يوم العيد، ما يخلق ضغطًا استهلاكيًا كبيرًا يُثقل كاهل ميزانية الأسر، خاصة في ظل الزيادات الموسمية للأسعار
كما تُبيّن هذه الظاهرة مدى عمق العلاقة بين الدين، الاقتصاد، والعادات المجتمعية في المغرب. فالعيد لا يُختزل فقط في الذبيحة، بل يتجلى في سلسلة من الطقوس الممتدة، من الشراء إلى الطبخ إلى الضيافة.
غياب أحد هذه العناصر لا يُقابَل بالقبول بسهولة، بل يُعاش كإخلال في توازن طقسي واجتماعي عريق. من هنا يمكن فهم التهافت الكبير على اللحوم حتى في ظل قرارات التقييد، إذ تسعى الأسر إلى تعويض النقص في "الشعيرة" بما يحفظ جوهر الاحتفال، ولو جزئيًا، من خلال الطعام.
في النهاية، تكشف هذه الظواهر عن الحاجة إلى صياغة مقاربات أكثر تفاعلاً مع الواقع الثقافي والاجتماعي للمواطنين، خصوصًا في المناسبات الدينية ذات الأبعاد النفسية والجماعية الكبيرة. فبدل الاكتفاء بالإجراءات الفوقية، ينبغي العمل على دعم الأسر، مراقبة الأسواق، وتوفير البدائل بشكل استباقي. ذلك أن عيد الأضحى ليس مجرد طقس فردي، بل تجربة جماعية لها رمزية خاصة، والتعامل معها يتطلب توازناً دقيقًا بين مقتضيات التنظيم ومشاعر المجتمع