يتعلق الأمر بفئة من الأكاديميين الذين راكموا خبرة مهنية وعلمية داخل قطاع التربية الوطنية، وسبق أن خاضوا سلسلة من المعارك النضالية لسنوات بغية تغيير إطارهم المهني بما يتناسب مع مؤهلاتهم الأكاديمية. ورغم الوعود الرسمية المتكررة، فإن هذه الفئة لا تزال تواجه العراقيل نفسها، وهو ما دفع الهيئة النقابية إلى اعتبار أن الوزارة "تتجه نحو نسف كل الجسور التي بُنيت في إطار الحوار القطاعي"، كما ورد في بيانها الأخير.
وقد ركز الاجتماع المذكور على نقطتين مركزيتين: الأولى تتعلق برفض منح التراخيص لاجتياز مباريات التعليم العالي والمباريات الداخلية، وهو قرار اعتبره المكتب الوطني تراجعًا خطيرًا عن مكتسبات سابقة، يتنافى مع روح المساواة وتكافؤ الفرص المعمول بها في قطاعات عمومية أخرى. والثانية تتمثل في تجميد التزامات الوزارة السابقة بخصوص تسوية ملف تغيير الإطار لفائدة دكاترة القطاع، والذي كان من المفترض أن يتم وفق جدولة زمنية تغطي الفترة ما بين 2024 و2026.
ومما زاد من حدة الاحتقان، دعوة المكتب الوطني وزير التربية الوطنية إلى التراجع الفوري عن هذا القرار قبل 13 يونيو الجاري، مهددًا بتنظيم "إنزال وطني" أمام مقر الوزارة في الرباط، في خطوة تصعيدية قد تعيد للأذهان احتجاجات سابقة عرفتها شوارع العاصمة، خصوصًا خلال فترات انسداد الحوار. كما طالبت الهيئة بالإعلان عن نتائج الشطر الأول من مباراة الأساتذة الباحثين، والإفصاح عن معايير الانتقاء، في ظل حديث متنامٍ عن "غياب الشفافية" و"ضبابية المعايير".
ولعل ما يزيد من تعقيد هذا الملف هو ما تصفه النقابات بـ"التمييز المؤسساتي" بين دكاترة قطاعات مختلفة، حيث يُسمح للبعض بالتدرج في أسلاك البحث العلمي أو التدبير الإداري، بينما يُقيّد آخرون داخل أطر تقليدية لا تعكس مؤهلاتهم. وقد طالبت الهيئة بتوسيع المناصب المخصصة للدكاترة لتشمل مديريات وأكاديميات ومصالح مركزية، بدل الاقتصار على مراكز التكوين، وهو مطلب منطقي بالنظر إلى حجم التأطير الإداري والبيداغوجي المطلوب في ظل التحولات التي يعرفها القطاع.
ومن خلال نبرة البيان، يتضح أن المكتب الوطني للهيئة يتهيأ لمعركة طويلة الأمد، عنوانها العريض "تغيير الإطار أو التصعيد المفتوح"، وهي معركة لا تبدو معزولة عن سياق أوسع من الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه قطاع التعليم منذ شهور، بدءًا من مطالب التنسيقيات مرورا بالإضرابات المتكررة، وصولاً إلى غياب الثقة بين الفاعلين والوزارة.