حياتنا

جدل واسع حول تصريحات مصطفى الرميد بشأن ذبح الأضحية: بين الالتزام بالتوجيه الملكي ومقاصد الشريعة


أثارت تدوينة نشرها مصطفى الرميد، الوزير السابق وعضو حزب العدالة والتنمية، على صفحته الرسمية جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدينية بالمغرب. وجاءت هذه التصريحات في سياق دفاعه عن التوجيه الملكي الذي دعا المواطنين إلى تفادي أداء شعيرة الأضحية هذا العام، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، خصوصاً أزمة الجفاف وارتفاع أسعار الماشية.



الرميد: الإصرار على الذبح يناقض مقاصد الشريعة
في تدوينته، وصف الرميد من يصر على ذبح الأضحية في هذه الظروف بـ"المواطن السيء"، واعتبر أن تدينه "مغشوش"، مضيفاً أن من يفعل ذلك "مريض يحتاج إلى علاج". وأوضح أن شعيرة الأضحية ليست عبادة إذا تحولت إلى عبء اقتصادي واجتماعي، مؤكداً أن مقاصد الشريعة الإسلامية تدعو إلى رفع الحرج عن الناس، لا إلى تحميلهم ما لا يطيقون.

وأشار الرميد إلى أن التضحية يجب أن تكون رمزاً للتقوى والتكافل الاجتماعي، لا مناسبة للتباهي أو لإيذاء الآخرين، خاصة في ظل الضيق الاقتصادي الذي تعيشه فئات واسعة من المجتمع المغربي. وأضاف قائلاً: "من يتشبث بهذه العادة رغم التوجيه الملكي، يفعل ذلك بدافع العادة لا العبادة، وهو ما يتعارض مع الفهم الصحيح للدين وروحه الحقيقية".

انتقادات للمتشددين: "عبّاد العادة والغلاة المتنطعون"
في موقف غير معتاد من شخصية كانت محسوبة على التيار المحافظ، وجّه الرميد انتقادات لاذعة لمن يرفضون الامتثال للتوجيه الملكي، واصفاً إياهم بـ"الغلاة المتنطعين" و"عبّاد العادة". وحذر من أن التشدد في مثل هذه الظروف قد يؤدي إلى تفاقم معاناة الناس بدل التخفيف عنها، مشدداً على أن احترام التوجيه الملكي واجب ديني ووطني، خاصة أنه جاء بعد مشاورات دقيقة مع الهيئات الدينية والجهات المختصة.

وأكد الرميد أن الامتثال لهذا التوجيه يعكس روح التضامن والتكافل التي يدعو إليها الإسلام، في حين أن الإصرار على الذبح في هذه الظروف يعبر عن أنانية وتجاهل لمعاناة الآخرين.

ردود فعل متباينة: بين مؤيد ومعارض
تصريحات الرميد أثارت نقاشاً واسعاً بين مؤيد ومعارض. فهناك من رأى في حديثه جرأة مطلوبة لتصحيح الفهم الديني في ظروف استثنائية، معتبرين أن التضحية ليست واجباً دينياً في حال وجود مشقة أو ضرر اقتصادي. كما أشاد البعض بموقفه الداعم للتوجيه الملكي الذي يهدف إلى تخفيف الأعباء على المواطنين، خاصة الفئات الهشة.

في المقابل، اعتبر آخرون أن تصريحات الرميد حملت نوعاً من التجريح والتعميم غير المقبول، خاصة عندما وصف المخالفين لرأيه بعبارات قاسية مثل "مريض يحتاج إلى علاج". وأشاروا إلى أن مثل هذه التصريحات قد تزيد من الانقسام داخل المجتمع، خاصة في قضية ذات طابع ديني واجتماعي حساس.

التوجيه الملكي: قرار أخلاقي في ظروف استثنائية
يأتي هذا الجدل في سياق توجيه ملكي دعا المواطنين إلى تفادي ذبح الأضحية هذا العام، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وعلى الرغم من أن هذا التوجيه ليس ملزماً قانونياً، إلا أنه يحمل طابعاً أخلاقياً ودينياً قوياً، خاصة أنه جاء بناءً على مشاورات مع الهيئات الدينية المختصة.

ويعكس هذا القرار رؤية شمولية تراعي مصلحة المجتمع ككل، وتدعو إلى التضامن والتكافل في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. كما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول كيفية التعامل مع الشعائر الدينية في ظل الأزمات، وما إذا كانت العادة قد تطغى أحياناً على مقاصد العبادة.

نحو فهم أعمق لمقاصد الشريعة
تصريحات الرميد، رغم الجدل الذي أثارته، تسلط الضوء على أهمية إعادة النظر في بعض الممارسات الدينية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى رفع الحرج والتيسير على الناس. كما تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي بأهمية التضامن والتكافل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع المغربي.

وفي النهاية، يبقى النقاش حول ذبح الأضحية هذا العام فرصة للتأمل في العلاقة بين الدين والواقع، وبين العادة والعبادة، بما يضمن تحقيق مصلحة الفرد والمجتمع على حد سواء.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 27 ماي 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic