بعيداً عن النمط الاحتفالي الكلاسيكي، اختارت المديرية أن تلامس الموضوع بمقاربة عملية، تدمج بين التوعية والتعبئة وتقديم البدائل. فعاليات هذه الحملة اتخذت طابعاً ميدانياً، حيث تم تنظيم أروقة تفاعلية وعروض تعليمية، بمشاركة مهنيين صحيين متخصصين، قصد التأثير المباشر في الفئات المستهدفة، خاصة الشباب.
التحول اللافت في هذه النسخة من الاحتفال، هو التركيز الواضح على السجائر الإلكترونية، والتي باتت تنتشر بوتيرة مقلقة في أوساط المراهقين. فرغم ما تروّج له الشركات المُصنِّعة من أنها بدائل “أقل ضرراً”، إلا أن المضمون الحقيقي لما يُستهلك، سواء كان نيكوتيناً أو مواد كيميائية أخرى، لا يزال يطرح تحديات صحية وأخلاقية كبيرة.
وفي سياق التفاعل مع هذا التهديد المتزايد، تسعى المبادرة إلى فضح الممارسات التسويقية التي تعتمدها شركات التبغ. تلك الشركات، التي لم تعد تكتفي بإعلانات تقليدية، بل توسّعت نحو وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، والتصاميم الجذابة للعلب، بل وأحياناً التسلل إلى الحياة المدرسية والجامعية من خلال حملات غير مباشرة.
الرسالة الصحية الأبرز التي تسعى الحملة لتثبيتها تتجاوز مجرد الامتناع عن التدخين، نحو تبني نمط حياة صحي شامل، يتم فيه التشجيع على التغذية المتوازنة، والنشاط البدني، وتوفير فضاءات خالية من التبغ، سواء في المؤسسات التعليمية أو الصحية أو حتى في الأحياء. وهي رؤية تنخرط فيها عدة مؤسسات، بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، ومهنيين تربويين وصحيين.
أما الجانب العملي، فقد تجسد من خلال حضور مختصين يقدّمون إرشادات دقيقة حول كيفية الإقلاع عن التدخين، ويجرون تقييمات بسيطة للمشاركين، مع توفير مواد تعليمية تساعد في فهم خطورة التبغ والنيكوتين، وتفكيك الخطاب الزائف الذي تروّج له بعض اللوبيات التجارية.
في النهاية، يبدو أن الرهان لم يعد يقتصر فقط على محاربة التدخين، بل يتجه إلى كسر شرعية ثقافية واجتماعية ظلّت تُحيط بمنتجات التبغ لعقود، وهو مسار طويل يتطلب إرادة جماعية، تبدأ من الوعي، ولا تنتهي إلا بتحصين الأجيال المقبلة من شَرَك الإدمان