ما هي “منطقة الصفر”؟ الفكرة التي تُغيّر نظرتنا للحركة
تشير "منطقة الصفر" إلى مستوى منخفض جدًا من النشاط البدني، بحيث يبقى القلب في حدود 50% من قدرته القصوى. وتشمل هذه الحركة الخفيفة المشي الهادئ، الصعود التدريجي للسلالم، الوقوف بدل الجلوس أو القيام بتمددات بسيطة خلال اليوم.
الفكرة في جوهرها هي محاربة الخمول الذي أصبح سمة العصر بسبب الجلوس الطويل أمام الشاشات وفي المكاتب. ورغم بساطتها، فإن تراكم هذه الحركات الصغيرة يحدث فرقا كبيرا على المدى الطويل.
لماذا أصبحت مهمة؟ بين العلم ونمط الحياة العصري.
الدراسات الحديثة تؤكد أن الجلوس لفترات طويلة يرتبط بشكل وثيق بمشاكل صحية خطيرة مثل ارتفاع الضغط والسمنة وأمراض القلب. وحتى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لا يسلمون من مخاطر الخمول بين الحصص.
بحث أميركي حديث من مستشفى "ماساتشوستس العام" (2024) كشف أن قلة الحركة اليومية تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب الأكثر شيوعًا، حتى لدى الملتزمين بالتمارين الأسبوعية.
ولهذا، فإن بضع خطوات بعد الأكل أو دقائق من الوقوف خلال العمل يمكن أن تخفف ارتفاع السكر وتنعش الدورة الدموية وتحسّن التركيز والمزاج.
“منطقة الصفر”.. حلقة الوصل بين البداية والاستمرار
يشرح المدرب الشخصي وخبير التغذية تيري تاتيوسيان أن منطقة الصفر “تشكل الجسر بين الخمول والمداومة على النشاط”، خصوصًا بالنسبة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في دخول عالم الرياضة، وعلى رأسهم النساء في منتصف العمر.
فالحركة البسيطة تخفف التوتر، تدعم وضوح الذهن، وتمنح الجسم دفعات صغيرة من الطاقة تجعله أكثر استعدادًا للحركة مع مرور الوقت دون ضغط نفسي أو بدني.
كيف تدمج منطقة الصفر في يومك دون مجهود إضافي؟
إدماج هذا النهج في حياتك ليس معقدًا، بل يعتمد فقط على تغيير بسيط في الإيقاع اليومي:
- ابدأ يومك بمشي بطيء لدقائق داخل المنزل.
- تحرك كل 30 دقيقة أثناء العمل: إلى آلة الماء، الطابعة، أو فقط قف وتمدد.
- امشِ 5 إلى 10 دقائق بعد الوجبات لتحسين تنظيم السكر.
- اختر السلالم بدلًا من المصعد متى أمكن.
- استغل المكالمات الهاتفية للمشي بدل الجلوس.
هذه العادات الصغيرة، حين تتكرر يوميًا، تبني أساسًا صحيًا قويًا يعزز المزاج، الإنتاجية، ونشاط الجسم.
هل تُعتبر فعلا رياضة؟ فهم جديد لمفهوم اللياقة
قد يرى البعض أن النشاط اللطيف لا يُعدّ تمرينًا حقيقيًا. لكن العلماء يؤكدون اليوم أن الحركة المتكررة، مهما كانت بسيطة، أهم من التمرينات القاسية التي نمارسها مرة أو مرتين أسبوعيا.
التحدي الحقيقي ليس في الحركة نفسها، بل في الاستمرارية. لذلك يمكن استخدام ساعة ذكية أو منبّه الهاتف لتذكيرك بالتحرك كل نصف ساعة.
هل تكفي منطقة الصفر وحدها؟ بين الأساس والدور التكميلي
رغم أن منطقة الصفر توفر أساسًا ضروريًا للصحة العامة، فإنها لا تكفي لبناء لياقة كاملة. فالخبراء ينصحون بجمعها مع:
- تمارين القلب المعتدلة (مثل المشي السريع أو السباحة).
- تمارين القوة للحفاظ على العضلات والعظام.
- دفعات قصيرة من التمارين عالية الشدة عند الإمكان.
- الهدف هو خلق توازن يجمع بين الحركة اليومية الخفيفة وبين حصص منظمة أسبوعيا.
كل خطوة صغيرة.. استثمار في صحتك
تذكرنا "منطقة الصفر" بأن العافية ليست دائمًا نتاج مجهود شاق. فالحركات البسيطة والمتكررة—وقوف، مشي، تمدد—كفيلة بأن تُحدث فرقًا حقيقيا في صحتك البدنية والذهنية. إنها ثورة في عالم اللياقة: سهلة، مستدامة، وتناسب الجميع. ومع أنها ليست بديلًا عن التمارين المنظمة، إلا أنها تشكل ركيزة أساسية لأسلوب حياة صحي ومتوازن.
الرئيسية



















































