تعود وقائع القضية إلى نزاع بين المديرية العامة للضرائب وأحد الملزمين، حيث استندت الإدارة في مباشرة إجراءات الاستخلاص إلى مراسلة أعادها “بريد المغرب” مشفوعة بعبارة “غير مطالب بها” (Non réclamé). قانونياً، تعني هذه العبارة أن التبليغ قد تم، وأن المرسل إليه أُشعر بوجود المراسلة لكنه لم يستلمها، مما يمنح الإدارة الضوء الأخضر للمضي قدماً في إجراءاتها.
لكن المواطن المعني دحض هذه الحجة بتقديم دليل قاطع؛ شهادة رسمية صادرة عن قيادة سيدي عبد الرزاق في عمالة الخميسات، أكدت أن منطقته لا تشملها التغطية البريدية أصلاً، ولا يوجد بها أي ساعي مكلف بالتوزيع. استناداً إلى هذه المعطيات، رأت المحكمة أن التبليغ عبر البريد “غير منتج لأي أثر قانوني”، معتبرة أن عبارة “غير مطالب بها” شكلت تضليلاً للمديرية العامة للضرائب، حيث أوهمتها بسير التبليغ بشكل سليم، فيما الواقع كان غياب الخدمة نهائياً.
الحكم أشار أيضاً إلى وجوب لجوء الإدارة إلى وسائل بديلة للتبليغ، مثل أعوان السلطة أو المفوضين القضائيين، خصوصاً مع علم الإدارة المحتمل بعدم وجود تغطية بريدية في بعض المناطق، لضمان وصول المراسلة فعلياً.
في تعليق له، اعتبر الدكتور جواد لعسري، أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبي، أن القضية تكشف عن إشكالية بنيوية تتجاوز الخطأ الفردي، مشيراً إلى أن المادة 219 من المدونة العامة للضرائب تمنح وثيقة البريد أثر التبليغ بعد عشرة أيام من إرجاعها بعبارة “غير مطالب بها”، وهو ما وصفه بالعقبة القانونية المجحفة التي قد تفرض ضغوطاً على المواطن العادي في إثبات خطأ المؤسسة. وأضاف أن الاجتهاد القضائي الذي يعتبر هذه العبارة تبليغاً صحيحاً يزيد الوضع تعقيداً ويعرض الملزمين لإجراءات ضريبية بناءً على معلومات خاطئة، مطالباً بفتح تحقيق قضائي شفاف لتحديد المسؤوليات.
من جانبها، دافعت مؤسسة “بريد المغرب” عن صحة إجراءاتها، مؤكدة أن الرسائل المضمونة الموجهة للمناطق غير المغطاة يتم الاحتفاظ بها في أقرب مكتب بريدي لمدة شهر، وإذا لم يستلمها المرسل إليه تُعاد للمرسل مع عبارة “غير مطالب”، مشيرة إلى آليات الرقابة الداخلية والتنسيق مع السلطات المحلية لضمان الإعلام بالمراسلات. ورغم ذلك، تبقى الفجوة قائمة، حيث أن السؤال الأبرز الذي يطرحه الحكم القضائي هو: هل وصل الإشعار فعلياً إلى المعني بالأمر؟
تكشف هذه القضية عن تعارض واضح بين الموقف القضائي الذي اعتبر الثغرة جسيمة، وبين موقف الإدارة الذي يؤكد سلامة الإجراءات، وهو ما يفتح نقاشاً أوسع حول فعالية التبليغ وأهمية مراجعة آليات التنسيق لضمان حماية حقوق المواطنين ومنع أي استغلال للثغرات القانونية، خاصة أمام الجهات التي تتعامل مع المواطنين في مساطر حيوية مثل الضرائب والخدمات العمومية.
بقلم هند الدبالي
لكن المواطن المعني دحض هذه الحجة بتقديم دليل قاطع؛ شهادة رسمية صادرة عن قيادة سيدي عبد الرزاق في عمالة الخميسات، أكدت أن منطقته لا تشملها التغطية البريدية أصلاً، ولا يوجد بها أي ساعي مكلف بالتوزيع. استناداً إلى هذه المعطيات، رأت المحكمة أن التبليغ عبر البريد “غير منتج لأي أثر قانوني”، معتبرة أن عبارة “غير مطالب بها” شكلت تضليلاً للمديرية العامة للضرائب، حيث أوهمتها بسير التبليغ بشكل سليم، فيما الواقع كان غياب الخدمة نهائياً.
الحكم أشار أيضاً إلى وجوب لجوء الإدارة إلى وسائل بديلة للتبليغ، مثل أعوان السلطة أو المفوضين القضائيين، خصوصاً مع علم الإدارة المحتمل بعدم وجود تغطية بريدية في بعض المناطق، لضمان وصول المراسلة فعلياً.
في تعليق له، اعتبر الدكتور جواد لعسري، أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبي، أن القضية تكشف عن إشكالية بنيوية تتجاوز الخطأ الفردي، مشيراً إلى أن المادة 219 من المدونة العامة للضرائب تمنح وثيقة البريد أثر التبليغ بعد عشرة أيام من إرجاعها بعبارة “غير مطالب بها”، وهو ما وصفه بالعقبة القانونية المجحفة التي قد تفرض ضغوطاً على المواطن العادي في إثبات خطأ المؤسسة. وأضاف أن الاجتهاد القضائي الذي يعتبر هذه العبارة تبليغاً صحيحاً يزيد الوضع تعقيداً ويعرض الملزمين لإجراءات ضريبية بناءً على معلومات خاطئة، مطالباً بفتح تحقيق قضائي شفاف لتحديد المسؤوليات.
من جانبها، دافعت مؤسسة “بريد المغرب” عن صحة إجراءاتها، مؤكدة أن الرسائل المضمونة الموجهة للمناطق غير المغطاة يتم الاحتفاظ بها في أقرب مكتب بريدي لمدة شهر، وإذا لم يستلمها المرسل إليه تُعاد للمرسل مع عبارة “غير مطالب”، مشيرة إلى آليات الرقابة الداخلية والتنسيق مع السلطات المحلية لضمان الإعلام بالمراسلات. ورغم ذلك، تبقى الفجوة قائمة، حيث أن السؤال الأبرز الذي يطرحه الحكم القضائي هو: هل وصل الإشعار فعلياً إلى المعني بالأمر؟
تكشف هذه القضية عن تعارض واضح بين الموقف القضائي الذي اعتبر الثغرة جسيمة، وبين موقف الإدارة الذي يؤكد سلامة الإجراءات، وهو ما يفتح نقاشاً أوسع حول فعالية التبليغ وأهمية مراجعة آليات التنسيق لضمان حماية حقوق المواطنين ومنع أي استغلال للثغرات القانونية، خاصة أمام الجهات التي تتعامل مع المواطنين في مساطر حيوية مثل الضرائب والخدمات العمومية.
بقلم هند الدبالي