صدى الوباء الذي غيّر ملامح العالم لم يخفت بعد، وإذا بتقارير إعلامية تعيد فتح الصندوق الأسود: تحذيرات من موجة جديدة، متحوّرات "أخطر"، انتشار محتمل، صور من مختبرات آسيوية، و"خبراء" يتناوبون على شاشات التلفزيون، يبدو وكأن السيناريو القديم قد أخرج نفسه من الدرج ، لتُعرض حلقاته مجددًا على جمهور أنهكته الذاكرة الجماعية.
ما يثير الدهشة هو تزامن هذه الحملات الإعلامية مع بداية بروز شكوك جدية حول الطريقة التي تم بها التعامل مع الوباء السابق: هل تم التعتيم على بعض العلاجات؟ هل كانت الأرقام دقيقة؟ هل جرى التقليل من شأن الآثار الجانبية لبعض الإجراءات؟ في خضم هذه التساؤلات، يظهر فجأة "إنذار جديد"، فهل هي صدفة بريئة؟ أم أن آلة التخويف تشتغل على توقيت مدروس؟
المثير للاهتمام أيضًا هو الحقل اللغوي المستعمل : لغة الخطر، دعوات إلى الحذر، إشارات إلى اكتظاظ محتمل في المستشفيات، ونبرة درامية متكررة عن "المرحلة الحرجة" و"المسؤولية الجماعية". وكأن الخوف أصبح أداة جاهزة يتم تفعيلها كلما احتاج النظام الإعلامي إلى شدّ الانتباه أو توجيه الرأي العام.
ثمّة سؤال لا يروق لكثيرين، لكنه ضروري: من المستفيد من بث الرعب؟ فقط طرحه يُعتبر في بعض الأوساط انزلاقًا نحو "نظرية المؤامرة". لكن المنطق يفرض مناقشته: الخوف الجماعي يُستخدم أحيانًا لتبرير قرارات سياسية، فرض قوانين استثنائية، تبرير نفقات ضخمة، بل وحتى دعم قطاعات اقتصادية بعينها. هل يمكن حقًا تجاهل كل هذه الأبعاد وكأنها غير مترابطة؟
لنكن واقعيين، لا أحد يطلب تجاهل المخاطر الصحية، بل بالعكس، الوعي مهم، لكن الفرق كبير بين إعلام يُحذر بمسؤولية وإعلام يصنع عرضًا تليفزيونيًا من القلق، حين يتحول الخوف إلى أداء مسرحي دائم، يخسر قيمته ويُضعف المناعة النفسية للمجتمعات، ويُغذي الانقسام بدل أن يُوحد الناس.
وربما، فقط ربما، ما نراه اليوم ليس سوى رد فعل صحفي مبالغ فيه، أو خوارزمية تبحث عن المحتوى المثير، أو حتى إشارات حقيقية تستدعي اليقظة، لكن المؤكد هو أن الرأي العام لم يعد كما كان: أصبح أكثر شكًا، أكثر تحليلًا، وأكثر مناعة أمام الصدمة. لن يكون من السهل هذه المرة إقناع الجميع بأن الخطر داهم... من دون تقديم دليل واضح، وشك منطقي.
ما يثير الدهشة هو تزامن هذه الحملات الإعلامية مع بداية بروز شكوك جدية حول الطريقة التي تم بها التعامل مع الوباء السابق: هل تم التعتيم على بعض العلاجات؟ هل كانت الأرقام دقيقة؟ هل جرى التقليل من شأن الآثار الجانبية لبعض الإجراءات؟ في خضم هذه التساؤلات، يظهر فجأة "إنذار جديد"، فهل هي صدفة بريئة؟ أم أن آلة التخويف تشتغل على توقيت مدروس؟
المثير للاهتمام أيضًا هو الحقل اللغوي المستعمل : لغة الخطر، دعوات إلى الحذر، إشارات إلى اكتظاظ محتمل في المستشفيات، ونبرة درامية متكررة عن "المرحلة الحرجة" و"المسؤولية الجماعية". وكأن الخوف أصبح أداة جاهزة يتم تفعيلها كلما احتاج النظام الإعلامي إلى شدّ الانتباه أو توجيه الرأي العام.
ثمّة سؤال لا يروق لكثيرين، لكنه ضروري: من المستفيد من بث الرعب؟ فقط طرحه يُعتبر في بعض الأوساط انزلاقًا نحو "نظرية المؤامرة". لكن المنطق يفرض مناقشته: الخوف الجماعي يُستخدم أحيانًا لتبرير قرارات سياسية، فرض قوانين استثنائية، تبرير نفقات ضخمة، بل وحتى دعم قطاعات اقتصادية بعينها. هل يمكن حقًا تجاهل كل هذه الأبعاد وكأنها غير مترابطة؟
لنكن واقعيين، لا أحد يطلب تجاهل المخاطر الصحية، بل بالعكس، الوعي مهم، لكن الفرق كبير بين إعلام يُحذر بمسؤولية وإعلام يصنع عرضًا تليفزيونيًا من القلق، حين يتحول الخوف إلى أداء مسرحي دائم، يخسر قيمته ويُضعف المناعة النفسية للمجتمعات، ويُغذي الانقسام بدل أن يُوحد الناس.
وربما، فقط ربما، ما نراه اليوم ليس سوى رد فعل صحفي مبالغ فيه، أو خوارزمية تبحث عن المحتوى المثير، أو حتى إشارات حقيقية تستدعي اليقظة، لكن المؤكد هو أن الرأي العام لم يعد كما كان: أصبح أكثر شكًا، أكثر تحليلًا، وأكثر مناعة أمام الصدمة. لن يكون من السهل هذه المرة إقناع الجميع بأن الخطر داهم... من دون تقديم دليل واضح، وشك منطقي.