وأشار الوزير إلى أن هذا القرار يشكّل قطيعة واضحة مع المسارات السابقة، حيث تحول التركيز من خيار الاستفتاء الذي لم يحقق أي نتائج منذ 1998، إلى مبادرة الحكم الذاتي التي أرسى الملك أسسها منذ 2004 وتم تقديمها رسميًا في 2007، وأصبحت المرجع الأساسي في المفاوضات الدولية.
وأوضح بوريطة أن مسار الاعتراف الدولي بخطة الحكم الذاتي لم يأتِ صدفة، بل كان نتيجة دبلوماسية دقيقة ومباشرة للملك مع القوى الكبرى والأطراف المؤثرة في مجلس الأمن. فقد تمكن الملك من بناء توافق على القرار رغم التحديات الكبيرة، بما في ذلك وجود الجزائر كعضو ناشط في المجلس، وامتناع ثلاث قوى كبرى عن التصويت. وشدد الوزير على أن القرار جاء نتيجة تدخل الملك شخصيًا في الأيام الأخيرة قبل التصويت، حيث أجرى عدة اتصالات مباشرة مع قادة الدول لتأمين تأييدهم للطرح المغربي.
وفي استعراضه للمرحلة السابقة، أبرز بوريطة الدور الحاسم للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020، مؤكداً أن الملك حافظ على هذا المكسب مع الإدارة الجديدة للرئيس بايدن، إضافة إلى إقناع فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وإسبانيا بمواقف داعمة للملف المغربي، ما يعكس استراتيجية متأنية تقوم على الفعل لا الخطاب، وعلى فهم التوازنات الدولية الدقيقة.
وأشار الوزير إلى أن هذا القرار يعكس العالم الواقعي للصحراء المغربية، حيث اعترفت ثلث دول الأمم المتحدة بخطة الحكم الذاتي، وأن المبادرة المغربية أصبحت اليوم المرجع الذي يعكس السيادة والتاريخ والواقع الاقتصادي والتنموي للأقاليم الجنوبية. وأضاف أن القرار يتيح للمغرب ولشركائه تطوير الاستثمار والتنمية المشتركة في المنطقة، بعيدًا عن أي أبعاد صراع أو خلافات عاطفية، مؤكدًا على أن الأمم المتحدة لم تعد تدير الوضع الراهن فحسب، بل أصبحت تيسر الحلول العملية.
وتعكس تفاصيل التصويت تعقيدات أصعب تركيبة لمجلس الأمن منذ عقود، حيث تضمّ أعضاءً من الأطراف المختلفة ثقافيًا وسياسيًا، بما في ذلك الجزائر، وباكستان، وأعضاء آخرين من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، إلا أن الملك محمد السادس تمكن من تأمين 11 صوتًا مؤيدًا للقرار بدون أي معارضة أو فيتو، وهو ما يعتبر إنجازًا دبلوماسيًا نادرًا.
و يبرز هذا التطور كنموذج لدبلوماسية الحكمة والصبر الاستراتيجي، حيث لم يكتف المغرب بالمطالبات السياسية، بل تبنى خطة متكاملة للتواصل مع القوى الدولية، وموازنة المصالح، واستثمار المكاسب السابقة، بما عزز موقفه القانوني والسياسي على الساحة الدولية.
في النهاية، يضع هذا القرار المغرب في موقع قوة دولية جديدة، حيث أصبح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مرجعًا لا رجعة عنه في الأمم المتحدة، ويؤسس لمرحلة جديدة من التنمية والاستقرار في الصحراء، مؤكداً أن جهود الملك محمد السادس، التي امتدت على ربع قرن، قد أثمرت نجاحًا تاريخيًا على مستوى السياسة الدولية، وأثبتت أن الصبر الاستراتيجي والدبلوماسية الفعلية تصنع التغيير الحقيقي
الرئيسية





















































