وقال الوزير، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، إن “كل قرار يُتخذ في التعليم له أثر مباشر على مئات الآلاف من الأسر، وهذا ما يجعل المسؤولية ثقيلة إلى درجة تدعو أحياناً إلى التأمل أكثر مما تدعو إلى الكلام”.
وبصوت تغلب عليه العاطفة، تحدث برادة عن ضعف إتقانه للغة العربية، قائلاً: "صحيح أن مستواي في اللغة العربية ليس قوياً، وأحياناً أكرر نفس العبارات، لكن هل يمنعني ذلك من الرغبة في العمل الجاد؟ وهل يحول دون أن أكون صادقاً في حرصي على مصلحة هؤلاء التلاميذ؟" وأضاف أن الإخلاص في العمل والنية الصادقة أهم من البلاغة اللفظية، مؤكداً أن ما يهمه قبل كل شيء هو مصلحة التلميذ المغربي وجودة تعليمه، لا المظاهر الشكلية أو الخطابات المنمقة.
وفي لهجة إنسانية مؤثرة، استحضر الوزير مسيرته السابقة كمدير لمؤسسة صناعية في منطقة سيدي مومن، قائلاً: "أعتبر أبناءكم كأبنائي، فعندما كنت مديراً لمؤسسة صناعية كنت أشعر بالمسؤولية نفسها تجاه العاملين، واليوم لم يتغير شيء سوى أن حجم المسؤولية أصبح أكبر وأعمق لأنها تتعلق بمستقبل جيل كامل". وأكد أنه يعتبر نفسه خادماً للمصلحة العامة قبل أي شيء آخر.
وفي حديثه عن الجوانب التقنية لتدبير القطاع، أقر الوزير بأن وزارته لا تتوفر بعد على معطيات دقيقة وشاملة حول الوضع التعليمي في جميع المؤسسات، موضحًا: "أتوفر حالياً على نحو 85 في المئة من المعطيات، وما زلت أعمل على استكمال الصورة الكاملة لأن اتخاذ القرار السليم يحتاج إلى بيانات دقيقة". وأضاف أن هذا النقص في البيانات كان سببًا في بعض الاختلالات السابقة، خصوصًا في ما يتعلق بمشكل الاكتظاظ في الأقسام، لكنه شدد على أن الوزارة تعمل حاليًا على تصحيح الوضع وتدقيق المعطيات من خلال آليات جديدة أكثر دقة وفعالية.
وأشار برادة إلى أن منظومة التخطيط التربوي شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنة الجارية، بعد اعتماد الوزارة على أدوات الذكاء الاصطناعي والتحليل الرقمي في تحديد الحاجيات التربوية والموارد البشرية، بدل الأساليب التقليدية التي وصفها بـ"غير الدقيقة والعشوائية". وقال إن هذا التوجه الجديد سيسمح بوضع خرائط تربوية أكثر واقعية، وتوجيه الموارد بشكل عادل وفعّال نحو المناطق التي تعاني من خصاص أو اكتظاظ.
أما بخصوص الحركة الانتقالية للأساتذة، فقد أوضح الوزير أنها كانت ثمرة مجهود إداري وتنظيمي كبير، شمل مشاركة أكثر من 34 ألف أستاذ وأستاذة، ومرت – حسب قوله – "بكثير من الصعوبة والمشقة"، إلا أنها حققت نتائج إيجابية، مشيراً إلى أن "النقابات كانت راضية، والأجواء التي رافقت العملية كانت إيجابية"، وهو ما يعكس إرادة حقيقية في بناء الثقة مع الشركاء الاجتماعيين.
وفي ختام مداخلته، شدد برادة على أن الإصلاح الحقيقي للمدرسة المغربية لن يتحقق إلا بوجود آليات دقيقة للتقييم والمساءلة، قائلاً: "من التعليم الأولي إلى البكالوريا لم يكن هناك نظام تقييم شامل يقدم صورة واضحة عن النتائج"، مضيفًا أن الوزارة بدأت بالفعل في تفعيل نظام تقييم دوري يشمل نتائج التلاميذ وأداء الأساتذة ومستوى المؤسسات، في أفق جعل الجودة والمحاسبة مبدأً ثابتًا في السياسات التربوية المقبلة