أسرتنا

النجاح الوهمي على وسائل التواصل الاجتماعي : كيف تقوّض المقارنات المستمرة ثقة المراهقين بأنفسهم


تعيش الأجيال الجديدة في عصر تُهيمن عليه الشاشات، حيث ينسج العالم الرقمي صورًا مثالية للجمال والنجاح، يصعب على المراهقين تحقيقها في الواقع. منصات التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام وتيك توك وسناب شات، تقدم مزيجًا من المؤثرين والمشاهير الذين يروّجون لمعيار “الجمال المثالي” والحياة الفاخرة، مما يولّد ضغطًا نفسيًا هائلًا على المراهقين، ويزرع لديهم شعورًا دائمًا بالنقص والفشل



يعاني كثير من الشباب من صعوبة التمييز بين الواقع الافتراضي وما هو حقيقي، إذ تُعزز هذه المنصات السلوك المقارن والمنافسة الافتراضية. الصور المعدلة بالفلاتر وبرامج التجميل الرقمية تجعل المراهقين يقيسون أنفسهم بمعايير غير واقعية، ويبدأون بملاحظة كل “عيب” في مظهرهم أو أدائهم الشخصي، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض الثقة بالنفس والاكتئاب.
 

كما أن الرسائل المستمرة عن النجاح الفوري والثروة السريعة تضيف بعدًا آخر من الضغط. يظهر أمام المراهقين أشخاص يبدون متفوقين في الدراسة أو ريادة الأعمال أو الرياضة، وكأن النجاح يأتي بسهولة، بينما الحقيقة غالبًا ما تكون أن هذا النجاح يحتاج لسنوات من الجهد والتضحيات. النتيجة؟ شعور دائم بالقصور والإحباط، وحتى الرغبة في محاكاة حياة الآخرين بأساليب غير صحية.
 

ولا يقتصر التأثير النفسي على الانطباعات السطحية فحسب؛ بل يمتد إلى السلوك الاجتماعي والعاطفي. يميل المراهقون إلى العزلة أو الانشغال بالهواتف بدل التفاعل الواقعي مع الأصدقاء والعائلة، ما يضعف مهارات التواصل والذكاء العاطفي. كما يمكن أن يؤدي الإفراط في متابعة “الحياة المثالية” إلى تبني أنماط استهلاكية غير متوازنة، والسعي الدائم لاقتناء ما يُعرض على الشاشات كرمز للنجاح أو الجاذبية.
 

الحلول لا تكمن في تجريم التكنولوجيا أو منع الوصول إلى الشبكات الاجتماعية، بل في تعليم المراهقين التفكير النقدي والوعي الذاتي. يجب تعزيز برامج التثقيف الرقمي التي تشرح طبيعة المحتوى الرقمي، وتوضح أن الفلاتر والمونتاج يمثلان صورًا معدلة للواقع، وأن النجاح والحياة المثالية على الشاشات غالبًا ما تكون وهمية أو نصف حقيقية.
 

إضافة إلى ذلك، يمكن للمدارس والأهل العمل معًا لتقوية الثقة بالنفس، وتشجيع المراهقين على تطوير مهاراتهم الحقيقية، سواء في الإبداع الفني أو الرياضة أو التعلم الأكاديمي، بعيدًا عن ضغط المقارنات الرقمية. الصحة النفسية يجب أن تصبح محور الاهتمام، مع توفير فضاءات آمنة للشباب للتعبير عن مشاعرهم وتجاربهم الواقعية، بعيدًا عن مرآة الشاشات الرقمية.
 

في نهاية المطاف، يفرض عصر الشاشات تحديًا مزدوجًا: من جهة، توفير فرص تواصل وإبداع هائلة؛ ومن جهة أخرى، حماية المراهقين من الصور المثالية والمقاييس الوهمية التي تهدد شعورهم بالقيمة الذاتية. النجاح الحقيقي، كما يظهر في الحياة الواقعية، لا يُقاس بعدد المتابعين أو صور السيلفي، بل بالقدرة على مواجهة الواقع، تطوير الذات، وبناء علاقات صحية ومستقرة.


وسائل التواصل الاجتماعي، المراهقون، الثقة بالنفس، المقارنات الاجتماعية، الجمال المزيف، الضغوط النفسية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 8 أكتوبر 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | أسرتنا | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | كيوسك | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
























Buy cheap website traffic