المؤشر، الذي يقيس أداء الدول بناءً على جودة النظام الطاقي ومدى جاهزيتها البنيوية والمؤسساتية للتحول، منح المغرب مجموع 53.7 نقطة من أصل 100، وهو معدل متواضع بالنظر إلى حجم الاستثمارات المعلنة في مجالات الطاقة الشمسية والريحية. فقد حصل على 58.6 نقطة في مكون "أداء النظام الطاقي"، مقابل 46.4 فقط في عنصر "الجاهزية"، مما يكشف عن فجوة بين الطموح في مشاريع الانتقال الأخضر، وضعف البنيات الأساسية الكفيلة بجعل هذا التحول مستدامًا وشاملًا.
إقليميًا، تراجع موقع المغرب مقارنة بجيرانه، حيث تقدمت عليه تونس التي جاءت في المركز 62، فيما تذيلت الجزائر القائمة في المركز 89، وحلت مصر في المرتبة 74. أما الإمارات، فاحتلت المرتبة 48 عالميًا، متبوعة بالسعودية في المركز 60. هذا الترتيب يبرز أن المغرب لا يزال بحاجة إلى تحسين مقوماته البنيوية والتشريعية والتكوينية، كي يحافظ على موقع ريادي قار داخل المنطقة المغاربية والعربية.
ورغم الجهود المبذولة، أشار التقرير إلى أن دولًا مثل الجزائر ومصر لا تزال تحتفظ بميزة نسبية في مجال البنية التحتية التقليدية للطاقة، مما يمنحها تفوقًا ظرفيًا في بعض مؤشرات الأداء، في وقت يواجه فيه المغرب صعوبات تتعلق بتأهيل الرأسمال البشري، وتوفير شبكات كهربائية ذكية، وجذب الاستثمارات الخاصة بشكل كافٍ.
وعلى الصعيد العالمي، حافظت الدول الاسكندنافية على مراتب الصدارة، حيث جاءت السويد أولى، متبوعة بفنلندا والدانمارك، بينما حققت الصين قفزة تاريخية نحو المركز 12 بفضل تفوقها في الابتكار والتمويل. أما الولايات المتحدة، فاحتلت المرتبة 17، بدفع من تنوع مصادر الطاقة وضمان أمنها.
التقرير أشار إلى أن الطلب العالمي على الطاقة ارتفع بنسبة 2.2% خلال سنة 2024، مدفوعًا بتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وهو ما ساهم في تسجيل انبعاثات قياسية بلغت 37.8 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون، ما يعكس تناقضًا صارخًا بين النمو الاقتصادي والاستهلاك المتزايد، وبين أهداف الحد من الانبعاثات.
ورغم تجاوز الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة سقف 2000 مليار دولار، فقد نبه التقرير إلى أن هذا الرقم لا يمثل سوى ثلث ما هو مطلوب لتحقيق الأهداف المناخية بحلول سنة 2030، والمقدّر بنحو 5600 مليار دولار سنويًا، مع تسجيل تباطؤ مقلق في نمو التمويلات الخاصة.
ودعا المنتدى الاقتصادي العالمي، في ختام تقريره، إلى ضرورة تسريع وتيرة الابتكار في تقنيات تخزين الطاقة، والوقود النظيف، والشبكات الذكية، إلى جانب تكييف الحلول الطاقية مع خصوصيات كل بلد، وتوفير إطار قانوني وتنظيمي أكثر مرونة لجذب المستثمرين، ومواكبة تحول السوق العالمية في اتجاه اقتصاد منخفض الكربون.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن المغرب، رغم إنجازاته الرمزية في مشاريع الطاقات النظيفة، ما يزال في حاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة تهم منظومته التعليمية، وآليات الحكامة، وأطره التنظيمية، من أجل تدارك الفجوة بين الرؤية والاستعداد الفعلي لتأمين مستقبل طاقي نظيف وآمن