ويعتبر هذا الحدث منصة مهمة لتبادل الرؤى حول التحولات العالمية والتحديات الإقليمية، حيث تتقاطع اهتمامات المشاركين بين السياسة، الاقتصاد، التكنولوجيا، والتنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، شاركت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بالمغرب، أمل الفلاح السغروشني، لتقديم رؤية المغرب الرقمية على الصعيد الوطني والقاري، مؤكدًة أن المملكة تعمل على ترسيخ مكانتها كقوة فاعلة في مجال الرقمنة والابتكار
وأكدت الوزيرة خلال مداخلتها أن المغرب، تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، يضع الرقمنة والذكاء الاصطناعي في صلب استراتيجيته التنموية، معتبرة أن التحول الرقمي لم يعد خيارًا بل ضرورة لتعزيز الخدمات العمومية ودعم القطاع الخاص والمقاولات، خاصة الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدًا. وأوضحت أن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030” تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في طريقة تقديم الخدمات للمواطن، وخلق بيئة ملائمة للمقاولة، مع التركيز على تطوير الكفاءات الرقمية وضمان شمولية التنمية الوطنية.
كما تحدثت الوزيرة عن مشروع قانون حديث لتطوير الإدارة العمومية أطلق عليه اسم “الإدارة X.0″، الذي تم إعداده بالشراكة مع اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، والمديرية العامة للأمن الوطني. ويهدف هذا الإطار القانوني إلى تسهيل استفادة المواطنين والمقاولات من الخدمات الرقمية الجديدة، عبر إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحسين تدبير المعطيات، ما يجعل الإدارة أكثر مرونة وشفافية وفاعلية.
وشددت الوزيرة على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في هذا المشروع، مؤكدة أنه يندرج ضمن خارطة طريق وطنية تستند إلى ثلاثة مبادئ رئيسية: سيادة البيانات، ضمان الابتكار الشامل، والحكامة الأخلاقية. وأوضحت أن هذه المبادئ تهدف إلى توجيه التطور الرقمي نحو تعزيز حقوق المواطن، وحماية المعلومات الشخصية، وضمان استفادة الجميع من التقدم التكنولوجي دون استثناء. كما أكدت أن بناء مستقبل رقمي إفريقي يجب أن يتم من قبل الأفارقة ولأجلهم، في إطار التعاون والتضامن، مع التركيز على نقل الخبرات والتقنيات والتجارب المغربية إلى باقي دول القارة.
وأضافت الوزيرة أن المغرب يسعى لتعزيز شراكاته القارية والدولية في المجال الرقمي، مشيرة إلى تنظيم معرض “جايتيكس إفريقيا”، الذي يمثل منصة استراتيجية لتبادل الخبرات والابتكارات الرقمية بين الدول الإفريقية والعالم. كما أعلنت الوزيرة عن الإطلاق الرسمي لمبادرة “مركز المغرب الرقمي للتنمية المستدامة” (D4SD)، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وذلك خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكدت أن هذه المبادرة تهدف إلى توظيف التكنولوجيا والرقمنة لتعزيز التنمية المستدامة في إفريقيا، ودعم المشاريع الرقمية التي تعود بالنفع على المجتمعات المحلية، بما يعزز مكانة المغرب كقطب رقمي عربي-إفريقي منفتح على العالم.
ولفتت الوزيرة إلى أن المغرب يعمل على تطوير منظومة رقمية متكاملة تشمل الحكامة الإلكترونية، التحول الرقمي للمؤسسات العمومية، ودعم ريادة الأعمال الرقمية، مؤكدة أن المملكة تطمح لأن تكون نموذجًا في المنطقة في مجال الابتكار الرقمي. وأشارت إلى أن المغرب يقود جهودًا لتدريب الكفاءات الرقمية، وتوسيع فرص الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، بما يضمن إشراك الشباب والنساء في مسار التحول الرقمي، وتعزيز الشمولية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وختمت أمل الفلاح السغروشني كلمتها بالتأكيد على أن رؤية المغرب الرقمية ليست مجرد مشروع تقني، بل تمثل استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة، تقوم على تعزيز السيادة الوطنية، نقل الخبرات إلى القارة الإفريقية، وتمكين المواطنين والمقاولات من الاستفادة المباشرة من التقدم التكنولوجي، مشيرة إلى أن المملكة ستواصل دعم مبادراتها الرقمية الرائدة، والعمل على خلق بيئة مبتكرة وشاملة تعزز من تنافسيتها على المستوى الإقليمي والدولي