الاتفاق الأبرز تم توقيعه بين إدارة الدفاع الوطني المغربية وشركة BAE Systems، أحد عمالقة الصناعات العسكرية في العالم، والتي تنتج مكونات أساسية لطائرات F-16 والأباتشي، إضافة إلى أنظمة إلكترونية وتسليحية معقدة. هذه الشراكة تمثّل ركيزة أساسية في مشروع مغربي طموح لتطوير الصناعة الجوية الدفاعية، وتقرب الرباط أكثر من حلم تصنيع مكونات مقاتلات عسكرية على أرضها.
كما تم التوقيع على اتفاق بين الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات وجمعية الصناعات الدفاعية البريطانية ADS Group، يهدف إلى تعزيز التكامل الصناعي بين البلدين، وتشجيع نقل التكنولوجيا، وتبادل الكفاءات، وتهيئة الأرضية لتصنيع مشترك وتصدير نحو الأسواق الدولية.
هذا التطور ليس معزولًا، بل يأتي ضمن سياسة واضحة يتبعها المغرب منذ سنوات لتأسيس منظومة دفاعية متكاملة. فقد سبق أن شرعت شركة Pratt & Whitney، المصنعة لمحركات مقاتلات F-16 وF-35، في بناء مصنع لها في المملكة سنة 2024. كما عبّرت Lockheed Martin سابقًا عن نيتها إنشاء وحدة تصنيع في المغرب، مما يُعزز فرضية أن الرباط تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق سيادتها الصناعية في المجال العسكري.
الشق السياسي من الاتفاق لا يقل أهمية، إذ جاء في وقت حسّاس يتزامن مع الدعم البريطاني العلني لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. وتوجيه الاستثمارات البريطانية نحو مشاريع في الأقاليم الجنوبية يعطي لهذه الخطوة أبعادًا استراتيجية تتجاوز مجرد التعاون الاقتصادي، بل تعكس دعمًا صريحًا للوحدة الترابية للمغرب.
كما تطرقت الاتفاقيات إلى تعزيز التعاون الدفاعي البحري عبر برنامج مشترك أقرّته اللجنة العسكرية المغربية البريطانية، في ظل الأهمية الجيوسياسية للبلدين على ضفتي المحيط الأطلسي. هذا التنسيق يُعزز من الجاهزية الاستراتيجية ويخلق بيئة خصبة للاستثمار في مشاريع صناعية دفاعية مستقبلية.
ما تحقق اليوم يشكّل نقطة تحوّل مفصلية في مسار العلاقات المغربية البريطانية، وانتقالًا من شراكات تقليدية إلى تعاون عملي في مجالات دقيقة وحيوية. استثمار بريطانيا في الصناعات الدفاعية المغربية يؤشر إلى دخول الرباط مرحلة جديدة من الاستقلال الصناعي والتكنولوجي، ما يضعها في موقع متقدم إقليميًا على مستوى الأمن الدفاعي والنمو القائم على الابتكار