وسجل المجلس مشاكل هيكلية بارزة في المشروع، أبرزها غموض الوضع القانوني للمجلس، حيث لم يوضح القانون بشكل دقيق طبيعة القرارات الصادرة عنه ووضعية العاملين فيه، إضافة إلى اختلال التوازن التمثيلي بين الناشرين والصحافيين. فقد خصص المشروع 7 مقاعد للناشرين مع إمكانية إضافة مقعدين، مقابل 7 مقاعد فقط للصحافيين، وهو ما يثير قلق النقابات والمهنيين بشأن تمثيل المصالح بشكل عادل.
وأثار الرأي أيضاً انتقاداً للآليات الانتخابية المعتمدة، إذ يعتمد المشروع نظام الاقتراع الفردي للصحافيين بدلاً من اللوائح، ما قد يؤدي إلى إقصاء بعض الفئات المهنية، بينما يتم انتخاب ممثلي الناشرين وفق معايير اقتصادية بحتة، مما يزيد من هشاشة التمثيل الديمقراطي داخل المجلس. كما نبه المجلس إلى تراجع خطير في تمثيل المجتمع المدني، بعد حذف هيئات أساسية مثل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية واتحاد كتاب المغرب، وهو ما يمثل خروجاً عن فلسفة التنظيم الذاتي التي تشارك ممثلي الجمهور في حماية الحق في المعلومة ومكافحة الأخبار الزائفة.
وحذر الرأي الاستشاري من أن المشروع يمنح طابعاً تأديبياً مفرطاً للمجلس من خلال تخصيص 18 مادة للمساطر التأديبية مقابل 9 مواد فقط للوساطة والتحكيم، إضافة إلى فرض عقوبة جديدة تتمثل في وقف إصدار الصحيفة لمدة شهر وربط العقوبات التأديبية بالدعم العمومي للمؤسسات الصحفية. هذه الممارسات قد تؤثر سلباً على حرية الصحافة واستقلالية القرار التحريري، وهو ما يثير تساؤلات حول التوازن بين التنظيم الذاتي والمراقبة التأديبية.
وأظهر الرأي ملاحظات مهمة حول الوضع الاقتصادي للقطاع، حيث تعتمد أكثر من نصف مداخيل المؤسسات الصحفية على الدعم العمومي، فيما تراجعت مبيعات الصحف الورقية من 200 ألف نسخة إلى أقل من 30 ألف نسخة، ويسيطر القطاع الرقمي العالمي على نحو 75% من مداخيل الإعلانات. كما تضاعف الدعم العمومي من 164 مليون درهم سنة 2020 إلى 325 مليون درهم سنة 2024، وهو ما يبرز هشاشة هيكلية تهدد استدامة القطاع ويستلزم مراجعة شاملة للآليات الاقتصادية والدعم الممنوح.
واختتم المجلس توصياته الاستباقية لإنقاذ القطاع، مشدداً على ضرورة إجراء تعديلات محدودة على القانون الحالي بدلاً من اعتماد مشروع جديد يحمل مخاطر على الاستقلالية، إضافة إلى إدراج فئة رابعة من "الحكماء" لضمان التوازن والحيادية، واعتماد نظام الانتخاب باللائحة للصحافيين والناشرين، وتعزيز مشاركة النساء وتطبيق مبدأ المناصفة، وتنويع مصادر التمويل، وتوسيع اختصاصات المجلس لمواكبة التحولات الرقمية. هذه التوصيات تهدف إلى تحقيق توازن بين التنظيم الذاتي وضمان الاستدامة الاقتصادية وحماية حرية الصحافة في المغرب