حياتنا

الفضاء الحضري في أزمة : تسول، احتلال، وتدهور النظام المدني


تعكس حياة المدن المغربية اليوم أزمة حقيقية تعبر عن تدهور جودة العيش المشترك داخل الفضاءات الحضرية، حيث تتداخل مشاهد الاحتلال غير القانوني للفضاء العام مع ظاهرة التسول المنتشرة، وتفقد الأماكن العامة دورها الحضاري والفكري. كشفت دراسة حديثة للمركز المغربي للمواطنة عن أن نسبة كبيرة من المواطنين، تصل إلى 93,2%، تعاني من انتشار احتلال الأرصفة والشوارع من طرف المقاهي والبائعين الجائلين، مما يحول المشهد الحضري إلى فضاء مشوش وغير منظم، ويجعل التنقل داخل المدن أمرًا مرهقًا ومعقدًا



تعاني المدن كذلك من تفشي ظاهرة التسول التي لم تعد سلوكًا فرديًا عابرًا، بل تحولت إلى شبكة منظمة تستغل الفئات الضعيفة، لا سيما الأطفال والنساء. فقد أبدى 92,2% من المشاركين في الدراسة استيائهم من هذا الانتشار المقلق، الذي تسبب في شكوك مجتمعية حول مدى مشروعية هذا النوع من الطلب على المساعدة، بين من هم فعلاً في حاجة ومن يستغلون الوضع لاستثمار التعاطف الشعبي.
 

ولا تقتصر المشاكل على ذلك فقط، إذ يشكو المواطنون من ممارسات مزعجة أخرى مثل التحرش في الشوارع، وانتشار الكلاب الضالة، والتلوث البصري الذي يضر بالمظهر العام، إلى جانب الانفلات الأخلاقي الذي يطبع بعض الأماكن العامة. تعكس هذه الظواهر في مجموعها خللاً عميقًا في علاقة الفرد بالمكان، وإخفاقًا واضحًا للدولة في فرض سلطة القانون وتنظيم الفضاءات الحضرية.
 

ينتج عن هذا الواقع شعور متزايد لدى السكان بأنهم غرباء في مدنهم، وأن الحياة داخلها لم تعد تحمل معاني النظام والحضارة التي يجب أن تميز الفضاء الحضري، بل أصبحت مرادفًا للضجيج والتوتر والضغط النفسي المستمر. هذا الوضع يطرح تساؤلات حقيقية حول طبيعة الأزمة: هل هي فشل في التخطيط العمراني والتنظيم الحضري؟ أم أنها انعكاس لأزمة قيم اجتماعية وثقافية أعمق؟ الواقع يؤكد أن الأمر يتعلق بمزيج من الاثنين.
 

لذلك، تبقى ضرورة استرجاع سلطة القانون وفرض احترام الفضاء المشترك، مع إيجاد توازن بين الحاجات الاجتماعية والانضباط المدني، من الأولويات الملحة. إذ بدون ذلك، ستستمر مدننا في الانزلاق نحو الفوضى، متجاوزة كل محاولات الإصلاح، ومحولة الحياة الحضرية إلى معاناة يومية يعيشها المواطنون تحت وطأة الواقع المعقد والمتشابك


مدن مغربية، الفضاء الحضري، احتلال الفضاء العام، التسول، الأطفال، النساء، التنظيم الحضري، الفوضى، القيم الاجتماعية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 6 يونيو 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic