اقتصاديات

الصادرات الصينية تسجل تباطؤاً ملحوظاً في شهر ماي وسط تحديات اقتصادية متزايدة


أظهرت البيانات الرسمية الصادرة اليوم الإثنين أن الصادرات الصينية سجلت تباطؤاً فاق التوقعات خلال شهر ماي الماضي، في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التحديات الداخلية المتعلقة بانكماش الطلب المحلي وأزمة القطاع العقاري.



تباطؤ الصادرات وتراجع الواردات
بحسب إحصائيات الجمارك الصينية، لم يتجاوز نمو الصادرات في شهر ماي نسبة 4.8% على أساس سنوي، وهي نسبة أقل بكثير من توقعات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراؤهم وكالة "بلومبرغ"، حيث توقعوا زيادة بنسبة 6%. كما شهدت الواردات تراجعاً بنسبة أكبر من المتوقع بلغت 3.4%، ما يعكس ضعف الطلب المحلي واستمرار التباطؤ الاقتصادي للشهر الرابع على التوالي.

هذا التباطؤ يأتي في وقت تواجه فيه الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تحديات كبيرة منذ أزمة جائحة "كوفيد-19"، التي تركت آثاراً عميقة على اقتصادها. ويُعزى جزء كبير من هذه التحديات إلى أزمة القطاع العقاري، التي تُعتبر أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي الصيني، بالإضافة إلى صعوبات في إنعاش الاستهلاك المحلي، مما يهدد النمو الاقتصادي بشكل عام.

تأثير الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
تُعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أحد أبرز العوامل التي أثرت على الصادرات الصينية. وتشير البيانات إلى أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تراجعت بشكل كبير بنسبة 12.7% خلال شهر ماي، حيث انخفضت من 33 مليار دولار في أبريل إلى 28.8 مليار دولار.

وتنعكس هذه الرسوم الجمركية المشددة بشكل ملموس على المبادلات التجارية الثنائية بين البلدين، مما يعقد جهود الصين لحماية اقتصادها من تأثير هذه الحرب، خاصة مع استمرار الضغوط الاقتصادية الداخلية.

محادثات جديدة بين واشنطن وبكين
وسط هذه التحديات، يباشر المسؤولون الأميركيون والصينيون اليوم الإثنين جولة جديدة من المحادثات في لندن، بعد جولة أولى جرت الشهر الماضي في جنيف. وتهدف هذه المحادثات إلى تمديد الهدنة التجارية بين البلدين، وربما التوصل إلى اتفاق مستدام بشأن الرسوم الجمركية المشددة المتبادلة. ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة حول إمكانية تحقيق اختراق كبير في هذه المحادثات، بالنظر إلى التوترات السياسية والاقتصادية المستمرة بين الجانبين.

ضعف الطلب المحلي وتراجع التضخم
إلى جانب التحديات الخارجية، تواجه الصين صعوبات داخلية كبيرة، أبرزها ضعف الطلب المحلي. وقد انعكس ذلك في تراجع الواردات الصينية بنسبة 3.4% خلال شهر ماي، مما يُعد دليلاً واضحاً على ضعف إنفاق الأسر وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

كما أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني الصيني أن مؤشر أسعار الاستهلاك، الذي يُعتبر مقياساً أساسياً للتضخم، تراجع بنسبة 0.1% في ماي على أساس سنوي، وهي نسبة مماثلة للشهر السابق. هذا التراجع يعكس استمرار الضغوط الانكماشية على الاقتصاد الصيني، ويزيد من تعقيد مهمة الحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

آفاق مستقبلية غامضة
في ظل هذه الظروف، تبدو الآفاق الاقتصادية للصين غامضة، حيث تواجه البلاد تحديات مزدوجة تتمثل في الضغوط الخارجية الناجمة عن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والصعوبات الداخلية المرتبطة بضعف الطلب المحلي وأزمة القطاع العقاري. ومع استمرار هذه التحديات، ستحتاج الصين إلى اتخاذ خطوات جريئة لتعزيز النمو الاقتصادي، سواء من خلال تحفيز الاستهلاك المحلي أو تعزيز العلاقات التجارية مع شركائها الدوليين.

ويشكل تباطؤ الصادرات وتراجع الواردات خلال شهر ماي الماضي مؤشراً واضحاً على التحديات الاقتصادية التي تواجه الصين في الوقت الراهن. وبينما تسعى الحكومة الصينية إلى تحقيق التوازن بين معالجة الأزمات الداخلية والتعامل مع الضغوط الخارجية، يبقى مستقبل الاقتصاد الصيني مرهوناً بقدرتها على التكيف مع هذه التحديات وتطوير استراتيجيات فعالة لدعم النمو والاستقرار.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 9 يونيو 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic