وتزايدت حدة الجدل مع نهاية شهر مارس، ما دفع وزارة الداخلية إلى التدخل رسميًا لمعالجة الموضوع، حيث أكد الوزير عبد الوافي لفتيت في جواب كتابي صدر في بداية يونيو أن السلطات تابعت الوضع عن كثب، وقامت بعدة تدخلات ميدانية تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة، ضمن مقاربة تراعي حرية المعتقد دون المساس بالنظام العام.
وفي هذا السياق، قامت لجان محلية مختلطة بزيارات ميدانية إلى عدد من الفضاءات التي أُثيرت بشأنها الشبهات، وتواصلت بشكل مباشر مع مستأجري الشقق التي استُعملت لأغراض دينية خارجة عن الإطار القانوني، حيث تم تحذيرهم من مخالفة شروط عقود الإيجار، كما تم إشعار أصحاب العقارات بضرورة التأكيد على الطابع السكني للمحلات وعدم تحويلها إلى فضاءات شعائرية.
وتشمل الإجراءات التي اتخذتها السلطات أيضًا تنظيم حملات تحسيسية استهدفت بعض الأجانب الذين يعتنقون الديانة المسيحية، لتحذيرهم من ممارسة الشعائر الدينية في أماكن غير مرخصة أو غير مهيأة لهذا الغرض، كما جرت تسوية وضعية عدد من الأماكن التي كانت تحتضن تجمعات دينية غير مصرح بها، في محاولة لاحتواء الظاهرة ضمن إطار قانوني واضح.
التحرك الرسمي جاء عقب سؤال كتابي وجهه النائب البرلماني عبد الصمد حيكر عن حزب العدالة والتنمية، طالب فيه بكشف تفاصيل هذه الممارسات التي وصفها بأنها تثير "قلقًا متناميًا" بين المواطنين، واعتبرها "زحفًا دينيًا غير مراقب"، خصوصًا في الأحياء التي تعرف كثافة سكانية عالية وطابعًا اجتماعيًا محافظًا، حيث تغيب المعطيات الدقيقة حول طبيعة التراخيص أو الأجهزة الرقابية المشرفة على هذه الفضاءات.
ورغم الحساسية التي تحيط بالموضوع، فقد ساهمت هذه المعطيات في إثارة نقاش عمومي أوسع حول التوازن الضروري بين حرية المعتقد كمبدأ دستوري، وضرورة الحفاظ على النظام العام كمبدأ تنظيمي.
وتطرح هذه القضية إشكاليات عميقة بشأن كيفية تنظيم الظواهر الدينية الناشئة دون المساس بالحقوق والحريات الأساسية، في ظل تطور المجتمع وتعدد تعبيراته العقائدية، وهو ما يستدعي، حسب متابعين، مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار البعد القانوني والاجتماعي والثقافي بعيدًا عن منطق الفوضى أو التأويلات المتسرعة