نتائج الدراسة كشفت أن 2,9% فقط من المغاربة يعتبرون مستوى السلوك المدني مرتفعًا، بينما يرى 57,6% أن هذا المستوى ضعيف للغاية. التقييمات كانت أكثر حدة عندما تعلق الأمر بالاحترام المتبادل: 52,2% أعربوا عن عدم رضاهم إزاء تعامل الشارع مع النساء، و44,4% عبروا عن سخطهم من سلوك الجيران، فيما أبدى 47,2% تخوفًا من غياب الاحترام الموجه للفئات الهشة كالمرضى والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة. المفارقة المؤلمة هنا أن المغاربة الذين طالما افتخروا بقيم التضامن والكرم والاحترام، يواجهون اليوم انهيارًا صامتًا في الممارسات اليومية.
من جانب آخر، النظافة العامة شكلت موضوع إجماع سلبي. فقد عبّر 73,5% من المشاركين عن استيائهم من تدهور نظافة الأماكن العمومية، ورأى 66,8% أن المساحات الخضراء تتعرض للإهمال أو التخريب، بينما صرح 69,8% بأن التجهيزات العمومية غير محفوظة أو مهددة بالتخريب. كما أشار ما يقارب نصف المستجوبين (49,8%) إلى عدم احترام حظر التدخين في الأماكن العامة، في مشهد عام يُوحي بانهيار فكرة المسؤولية الجماعية عن البيئة.
أما على مستوى النظام والانضباط في الحياة اليومية، فالصورة لا تقل تعقيدًا. أزيد من 60,9% من المغاربة غير راضين عن احترام قانون السير، و54,8% ينتقدون سلوك مستعملي النقل العمومي، بينما يرى 60,7% أن الالتزام بالمواعيد شبه غائب. كما اعتبر 53,5% أن الضجيج والكلام المرتفع في الأماكن العمومية باتا سلوكين مزعجين ومنتشرين.
المجال العام في المغرب لم يعد فقط متعبًا، بل أصبح في كثير من المناطق طاردًا. ظواهر مثل احتلال الملك العمومي (93,2%) والتسول المستفحل (92,2%) أصبحت واقعًا يوميًا يُثير غضب المارة، لا سيما حين يقترن التسول باستغلال الأطفال. التحرش في الشارع، القمامة المبعثرة، التجارة غير المهيكلة، والكلاب الضالة… كلها تفاصيل صغيرة في ظاهرها، لكنها ترسم ملامح أزمة كبرى في البنية التحتية الاجتماعية.
في هذا السياق، يظل الرهان على كأس العالم 2030 محاطًا بالتحفظ. فقط 22,7% من المغاربة يعتقدون أن هذا الحدث سيكون حافزًا لتحسين السلوك المدني، بينما يرى 32,9% أنه لن يغيّر شيئًا، ويخشى 7,7% من أن يؤدي إلى تفاقم الوضع. المخاوف المرتبطة بتنظيم هذا الحدث لا تقلق فقط بشأن الصورة، بل تمتد إلى القضايا الحياتية: 84,8% يتخوفون من الغش التجاري وارتفاع الأسعار، 81,7% من تدهور النظافة، 77% من تفشي التسول في محيط الملاعب، 73,6% من غياب المراحيض العمومية، و69,6% من التحرش بالسياح.
رغم الصورة القاتمة، فإن المغاربة لا يفتقرون إلى رؤية واضحة للتغيير. الدراسة تشير إلى ثلاثة محاور رئيسية يعتبرها المواطنون أساسًا لأي تحول: الأسرة أولًا، بنسبة 80%، باعتبارها نواة التربية، تليها المدرسة بنسبة 59,7% كمكان للغرس القيمي والمعرفي، ثم القانون بنسبة 54,9% لضمان احترام النظام وحقوق الآخرين. بعد هذه الركائز تأتي القيم الدينية (44,4%)، والشفافية الإدارية (36,5%)، وأهمية القدوة لدى النخبة السياسية (25%).
غير أن أغلب المشاركين، بنسبة تصل إلى 98%، يعتقدون أن المجهودات الحكومية في هذا المجال إما غائبة أو غير كافية، مما يعكس شعورًا عامًا بخيبة الأمل في قدرة المؤسسات على إحداث التغيير.
في الختام، السلوك المدني ليس مجرد رفاهية مجتمعية، بل هو قاعدة أساسية لكل مشروع تنموي، وكل رهان دبلوماسي، وكل حلم جماعي. المغرب الذي يسعى لأن يكون قوة إقليمية، يحتاج قبل كل شيء إلى ترميم بيته الداخلي، بدءًا من نظافة الشوارع إلى احترام الطابور، ومن الكلمة الطيبة إلى حماية الفضاء العمومي. عندها فقط، سيصبح "المواطن المغربي" هو البطل الحقيقي في مونديال 2030، وليس فقط الكرة.
من جانب آخر، النظافة العامة شكلت موضوع إجماع سلبي. فقد عبّر 73,5% من المشاركين عن استيائهم من تدهور نظافة الأماكن العمومية، ورأى 66,8% أن المساحات الخضراء تتعرض للإهمال أو التخريب، بينما صرح 69,8% بأن التجهيزات العمومية غير محفوظة أو مهددة بالتخريب. كما أشار ما يقارب نصف المستجوبين (49,8%) إلى عدم احترام حظر التدخين في الأماكن العامة، في مشهد عام يُوحي بانهيار فكرة المسؤولية الجماعية عن البيئة.
أما على مستوى النظام والانضباط في الحياة اليومية، فالصورة لا تقل تعقيدًا. أزيد من 60,9% من المغاربة غير راضين عن احترام قانون السير، و54,8% ينتقدون سلوك مستعملي النقل العمومي، بينما يرى 60,7% أن الالتزام بالمواعيد شبه غائب. كما اعتبر 53,5% أن الضجيج والكلام المرتفع في الأماكن العمومية باتا سلوكين مزعجين ومنتشرين.
المجال العام في المغرب لم يعد فقط متعبًا، بل أصبح في كثير من المناطق طاردًا. ظواهر مثل احتلال الملك العمومي (93,2%) والتسول المستفحل (92,2%) أصبحت واقعًا يوميًا يُثير غضب المارة، لا سيما حين يقترن التسول باستغلال الأطفال. التحرش في الشارع، القمامة المبعثرة، التجارة غير المهيكلة، والكلاب الضالة… كلها تفاصيل صغيرة في ظاهرها، لكنها ترسم ملامح أزمة كبرى في البنية التحتية الاجتماعية.
في هذا السياق، يظل الرهان على كأس العالم 2030 محاطًا بالتحفظ. فقط 22,7% من المغاربة يعتقدون أن هذا الحدث سيكون حافزًا لتحسين السلوك المدني، بينما يرى 32,9% أنه لن يغيّر شيئًا، ويخشى 7,7% من أن يؤدي إلى تفاقم الوضع. المخاوف المرتبطة بتنظيم هذا الحدث لا تقلق فقط بشأن الصورة، بل تمتد إلى القضايا الحياتية: 84,8% يتخوفون من الغش التجاري وارتفاع الأسعار، 81,7% من تدهور النظافة، 77% من تفشي التسول في محيط الملاعب، 73,6% من غياب المراحيض العمومية، و69,6% من التحرش بالسياح.
رغم الصورة القاتمة، فإن المغاربة لا يفتقرون إلى رؤية واضحة للتغيير. الدراسة تشير إلى ثلاثة محاور رئيسية يعتبرها المواطنون أساسًا لأي تحول: الأسرة أولًا، بنسبة 80%، باعتبارها نواة التربية، تليها المدرسة بنسبة 59,7% كمكان للغرس القيمي والمعرفي، ثم القانون بنسبة 54,9% لضمان احترام النظام وحقوق الآخرين. بعد هذه الركائز تأتي القيم الدينية (44,4%)، والشفافية الإدارية (36,5%)، وأهمية القدوة لدى النخبة السياسية (25%).
غير أن أغلب المشاركين، بنسبة تصل إلى 98%، يعتقدون أن المجهودات الحكومية في هذا المجال إما غائبة أو غير كافية، مما يعكس شعورًا عامًا بخيبة الأمل في قدرة المؤسسات على إحداث التغيير.
في الختام، السلوك المدني ليس مجرد رفاهية مجتمعية، بل هو قاعدة أساسية لكل مشروع تنموي، وكل رهان دبلوماسي، وكل حلم جماعي. المغرب الذي يسعى لأن يكون قوة إقليمية، يحتاج قبل كل شيء إلى ترميم بيته الداخلي، بدءًا من نظافة الشوارع إلى احترام الطابور، ومن الكلمة الطيبة إلى حماية الفضاء العمومي. عندها فقط، سيصبح "المواطن المغربي" هو البطل الحقيقي في مونديال 2030، وليس فقط الكرة.