لا تقتصر المعركة اليوم على تهيئة قاعات الامتحان وتأمين المواضيع، بل تشمل كذلك بناء وعي جماعي بقيمة الاستحقاق والنزاهة. من هنا جاءت الحملات التحسيسية المكثفة التي سبقت الامتحانات، والتي لم تكتف بمخاطبة العقول من باب التخويف القانوني فقط، بل سعت إلى إقناع التلاميذ بأن الغش فعل يقوّض الذات قبل أن يُخِلّ بالقانون. القانون رقم 02.13 لم يكن إذن مجرد سيف مسلط، بل أداة لتقوية ثقافة المسؤولية، خاصة أن العديد من حالات الغش باتت تتخذ أشكالًا رقمية معقدة.
في الآن ذاته، لا يمكن التغاضي عن أهمية الدعم النفسي والبيداغوجي الذي وفّرته الأكاديميات الجهوية، في مرحلة ما قبل الامتحانات. فالتلميذ لا يدخل قاعة الامتحان وحده، بل يصطحب معه مخاوف أسرته، وضغط التوقعات، وهواجس المستقبل. لهذا كان ضروريا أن تواكب الوزارة هذه المرحلة بحلقات للدعم الذهني والوجداني، في محاولة لإنقاذ التلاميذ من الانهيار أو القلق المفرط، خاصة في سياق اجتماعي لا يرحم الفشل.
أما الجانب التنظيمي الصرف، فقد اتسم هذه السنة بتطور لافت، سواء على مستوى ضبط الهوية عبر التطبيقات الرقمية، أو من خلال الترقيم السري الإلكتروني في التصحيح، واعتماد تقنية المسح الضوئي لضمان دقة النتائج. وهي خطوات تؤشر على انتقال واضح نحو ترسيخ إدارة رقمية للامتحانات، دون أن يُلغى الجانب الإنساني، بل في تناغم معه.
الرهان اليوم أكبر من شهادة مدرسية، إنه رهان على مصداقية المدرسة العمومية، وعلى صون ثقة المجتمع في نتائجها. ولا شك أن تحدي الغش سيبقى مطروحًا، غير أن التطورات التنظيمية، والدعم الموازي، والرقمنة المتزايدة، تعطي الأمل في أن تتحول البكالوريا من لحظة توتر موسمية إلى طقس وطني في ترسيخ قيم النزاهة والعدالة والاستحقاق