لوديجي ستوديو

​هل آن الأوان لاعتراف الدولة المغربية بجهد الأم داخل البيت؟




ماذا لو قرر المغرب أخيرًا منح "أجرًا حقيقيًا" للمرأة ربة البيت؟

الفكرة، وإن بدت ثورية، تعود إلى السطح لتُحرّك جدلًا قديماً-جديدًا حول المساواة بين الجنسين، وتقسيم الأدوار داخل الأسرة. فالعمل المنزلي الذي تنهض به ملايين النساء، دون مقابل مادي أو حتى اعتراف رمزي، يبقى إلى اليوم شبحاً غير مُحتسب في المعادلات الاقتصادية، رغم أنه يشكل العمود الفقري لصيانة المجتمع واستقراره.

إن الحديث عن تعويض مادي لهذا "العمل غير المرئي" يثير الانقسام داخل المجتمع المغربي. فبين من يراه خطوة نحو إنصاف النساء وتمكينهن من استقلالية اقتصادية، وبين من يتوجس منه كخطر يُكرّس أدوارًا تقليدية تُقيد المرأة داخل جدران المنزل، يبقى السؤال معلقاً: كيف نوازن بين الاعتراف والمحاباة؟ بين التقدير والتحنيط؟

عدة دول سبقت المغرب في هذا النقاش، بعضها أدرج قيمة العمل المنزلي ضمن الناتج الداخلي الخام، والبعض الآخر قدم تعويضات أو إعفاءات ضريبية لربات البيوت، خاصة اللواتي كرّسن حياتهن لتربية الأبناء ورعاية الأسرة. فهل يملك المغرب الجرأة للسير في هذا الاتجاه؟ وهل يُمكن أن يساهم هذا الاعتراف المالي في تقليص الفجوة بين الجنسين أم سيُعيد تأكيد الحدود القديمة في أدوار النساء؟

الرهان لا يقتصر على الأجر بحد ذاته، بل يتعلق بتغيير نظرة المجتمع لهذا العمل. فالأم التي تُحضّر الفطور، وتُنظف، وتُدرّس، وتُرشد، وتُطبب، تقوم بمهام تكاد تُشبه إدارة مؤسسة كاملة. والسؤال الحقيقي لم يعد: "هل تستحق أجراً؟" بل: "لماذا استغرقنا كل هذا الوقت لنعترف بذلك؟"

ربما يحتاج المغرب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى فتح هذا الملف الشائك، لا كمنحة رمزية، بل كخطوة أولى نحو إصلاح بنية اجتماعية واقتصادية لا تزال تهمّش ملايين النساء باسم الواجب الطبيعي.




السبت 19 أبريل 2025
في نفس الركن