بقلم عدنان بنشقرون
ليست نزوة عابرة ولا ملل من الشاشات، بل قرار تأمل عميق. لأن ما يُقدَّم على أنه "إعلام حر" أو "نقد شجاع" تحوّل تدريجًا إلى سوق للكراهية، وتجارة للشعبوية، وعرضٍ دائم لليأس. الكلمات تتكرر بلا مضمون: "مافيا"، "خيانة"، "نظام"، "مؤامرة". وفي النهاية، لا يبقى شيء. لا مشروع، لا أفكار، لا أمل. فقط غضب يُباع ويُشترى.
المشكلة أن السياسة على يوتيوب أصبحت عملًا تجاريًا بامتياز. لم يعد البحث عن الحقيقة أو تنوير الرأي العام هو الهدف. الهدف هو زمن المشاهدة، عدد المشتركين، حجم التبرعات. صار الحديث عن الشأن العام مثل بيع الإشاعات أو "السكوبات"، بعناوين مثيرة وعبارات صادمة ومعلومات مفخخة. لا يهم إن كانت الوقائع صحيحة، أو الاتهامات خطيرة، أو الإخراج مُخادع. المهم أن تُشاهَد.
ما يؤلمني أكثر هو هذا التحوّل الممنهج للنقد السياسي إلى فرجة تقتل الوعي بدل أن توقظه. تجعلنا نعتقد أن لا شيء يستحق الإنقاذ، وأن الكل فاسد، وأن اللعبة منتهية. وهذا وهم خطير. لأنه يزرع الإحباط، ويُفرّغ السياسة من معناها، ويخنق أحلام الشباب باسم "الوعي".
لهذا قررت أن أقول "كفى". شهرٌ من الامتناع عن المشاهدة. ليس هروبًا من الواقع، بل محاولة لاستعادة أدوات التحليل. للعودة إلى القراءة، وللاستماع إلى أصوات رصينة، ولتعلم الشك الإيجابي من جديد. إنها دعوة للتمييز بين النقد الجاد وتجارة الغضب.
لست أدعو لمنع أحد من التعبير. بل بعض هؤلاء المؤثرين يقدمون أحيانًا محتوى قيّمًا. لكننا كمشاهدين مسؤولون أيضًا عن جودة النقاش العام. إذا استهلكنا التطرف بلا نقد، فنحن نغذيه. وإذا صفقنا للتهويل، فنحن نقتل التوازن.
قد أعود بعد شهر لمشاهدة بعضهم بنظرة أخرى. ولكن الآن، أختار الصمت النقدي على الضجيج العقيم. لأن التفكير أحيانًا يبدأ بالسكوت، لا بالكلام.
تُرى، هل يمكن أن تصبح هذه الوقفة لحظة جماعية؟ أسبوع بلا مؤثرين سياسيين، "رمضان رقمي" نُصفي فيه عقولنا من سموم المعلومة ونُعيد علاقتنا بالوعي والمواطنة؟ ربما يكون هذا أول فعل سياسي حقيقي للمشاهد المغربي المعاصر.
المشكلة أن السياسة على يوتيوب أصبحت عملًا تجاريًا بامتياز. لم يعد البحث عن الحقيقة أو تنوير الرأي العام هو الهدف. الهدف هو زمن المشاهدة، عدد المشتركين، حجم التبرعات. صار الحديث عن الشأن العام مثل بيع الإشاعات أو "السكوبات"، بعناوين مثيرة وعبارات صادمة ومعلومات مفخخة. لا يهم إن كانت الوقائع صحيحة، أو الاتهامات خطيرة، أو الإخراج مُخادع. المهم أن تُشاهَد.
ما يؤلمني أكثر هو هذا التحوّل الممنهج للنقد السياسي إلى فرجة تقتل الوعي بدل أن توقظه. تجعلنا نعتقد أن لا شيء يستحق الإنقاذ، وأن الكل فاسد، وأن اللعبة منتهية. وهذا وهم خطير. لأنه يزرع الإحباط، ويُفرّغ السياسة من معناها، ويخنق أحلام الشباب باسم "الوعي".
لهذا قررت أن أقول "كفى". شهرٌ من الامتناع عن المشاهدة. ليس هروبًا من الواقع، بل محاولة لاستعادة أدوات التحليل. للعودة إلى القراءة، وللاستماع إلى أصوات رصينة، ولتعلم الشك الإيجابي من جديد. إنها دعوة للتمييز بين النقد الجاد وتجارة الغضب.
لست أدعو لمنع أحد من التعبير. بل بعض هؤلاء المؤثرين يقدمون أحيانًا محتوى قيّمًا. لكننا كمشاهدين مسؤولون أيضًا عن جودة النقاش العام. إذا استهلكنا التطرف بلا نقد، فنحن نغذيه. وإذا صفقنا للتهويل، فنحن نقتل التوازن.
قد أعود بعد شهر لمشاهدة بعضهم بنظرة أخرى. ولكن الآن، أختار الصمت النقدي على الضجيج العقيم. لأن التفكير أحيانًا يبدأ بالسكوت، لا بالكلام.
تُرى، هل يمكن أن تصبح هذه الوقفة لحظة جماعية؟ أسبوع بلا مؤثرين سياسيين، "رمضان رقمي" نُصفي فيه عقولنا من سموم المعلومة ونُعيد علاقتنا بالوعي والمواطنة؟ ربما يكون هذا أول فعل سياسي حقيقي للمشاهد المغربي المعاصر.