صحتنا

وزارة الصحة تخسر 250 مليون درهم سنويًا بسبب أدوية منتهية الصلاحية


تعيش المستشفيات العمومية في المغرب وضعًا صعبًا بسبب نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، رغم الميزانية الضخمة التي تخصصها وزارة الصحة سنويًا لهذا الغرض، والتي تصل إلى 3.6 مليارات درهم. هذا التناقض بين حجم التمويل والواقع اليومي داخل المستشفيات يثير تساؤلات عميقة حول نجاعة آليات التدبير والمراقبة في القطاع الصحي العمومي، خاصة في ظل اعتراف وزير الصحة نفسه بوجود اختلالات كبيرة في منظومة توزيع وتخزين الأدوية.



وكشف الوزير، خلال عرضه أمام لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، أن الوزارة تسجل خسارة سنوية تُقدَّر بـ250 مليون درهم بسبب انتهاء صلاحية الأدوية قبل استعمالها، ما يعني أن ما يقارب 25 مليار سنتيم من المال العام يُهدر سنويًا دون فائدة. وأوضح أن الصيدلية المركزية، التي تتكلف بشراء الأدوية للمستشفيات، لا تخضع لنظام تتبع دقيق يضمن مراقبة مدة صلاحية المخزون أو طريقة توزيعه على المؤسسات الصحية، ما يجعل كميات هامة من الأدوية تتلف أو تنقضي صلاحيتها داخل المستودعات.
 

وأشار الوزير إلى أن هذه الوضعية تستدعي مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها داخل الوزارة، داعيًا إلى اعتماد نظام رقمي حديث يتيح تتبع عمليات الشراء والتوزيع بشكل فوري ومركزي. مثل هذا النظام، حسب قوله، سيمكن من الكشف المبكر عن أي خلل في تدبير المخزون، وتفادي النقص المفاجئ في الأدوية أو ضياعها، كما سيساهم في تقليص الهدر المالي وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
 

وفي محاولة لتصحيح الوضع، أصدر وزير الصحة مؤخراً دوريتين تهدفان إلى إحكام المراقبة على سلسلة إنتاج وتوزيع الدواء. الدورية الأولى تهم تنظيم المسار الكامل للأدوية، بدءاً من مرحلة التصنيع أو الاستيراد، مروراً بمرحلة التوزيع، وصولاً إلى تسليمها للمستهلك النهائي. وتشمل الإجراءات الجديدة إلزام المختبرات والموزعين والصيادلة باحترام القنوات الرسمية، مع التنصيص الواضح على تاريخ صلاحية الأدوية في جميع الفواتير والمستندات، بما يسهل تتبع كل دواء وسحبه من السوق بسرعة في حال اكتشاف أي خلل في الجودة أو السلامة.
 

أما الدورية الثانية فركزت على المصحات الخاصة، حيث شددت على منعها من بيع الأدوية مباشرة للجمهور، مؤكدة أن الأدوية التي تُشترى عبر المستشفيات يجب أن تُباع بأسعارها الأصلية دون أي زيادة. كما نصت على ضرورة وجود صيدلي مسؤول في كل مصحة يشرف على إدارة وتدبير المخزون، التزامًا بما ينص عليه القانون. هذه الإجراءات، حسب الوزارة، تأتي في إطار إصلاح شامل يرمي إلى ضمان الشفافية في تدبير الأدوية وحماية المواطن من التلاعب في الأسعار أو الجودة.
 

هذه الخطوات تعكس محاولة الوزارة استعادة ثقة المواطنين في المنظومة الصحية العمومية، التي تعاني منذ سنوات من اختلالات بنيوية مزمنة تشمل نقص الموارد البشرية وضعف التجهيزات الطبية وتدهور البنية التحتية. لكن إصلاح منظومة الأدوية لا يمكن أن ينجح، وفق آراء عدد من المهنيين، إلا إذا تم ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل آليات رقابية مستقلة تضمن الشفافية في تدبير الميزانيات والمخزون الطبي. فبدون رقابة فعالة ومتابعة مستمرة، سيبقى نزيف المال العام مستمرًا، وستظل المستشفيات تعاني من نفس الأزمات المتكررة رغم توفر الإمكانيات


المستشفيات العمومية، وزارة الصحة، الأدوية، الصيدلية المركزية، صلاحية الأدوية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 10 أكتوبر 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | أسرتنا | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | كيوسك | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
























Buy cheap website traffic