ورش الدعم الاجتماعي المباشر: نموذج مغربي رائد لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة

إطار مرجعي متكامل لتفعيل المشروع
انطلق هذا الورش استناداً إلى الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية 2023-2024، والذي وضع أهدافاً دقيقة وواضحة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية. وقد شرعت الدولة في اعتماد نظام موحد يتميز بالدقة والشفافية في استهداف الأسر المستحقة، مما يضمن توزيعاً عادلاً للإعانات المالية.

تعبئة مالية استثنائية لدعم الأسر
خصصت الدولة ميزانية استثنائية بلغت 25 مليار درهم لسنة 2024، بهدف صرف إعانات شهرية مباشرة لفائدة أربعة ملايين أسرة، يستفيد منها نحو 12 مليون مواطن، أي ما يعادل ثلث سكان المملكة. وتتوزع هذه الإعانات على:

التعويضات العائلية: يستفيد منها حوالي مليونين و500 ألف أسرة، حيث يتلقى أكثر من 5 ملايين و500 ألف طفل دعماً مالياً إلى غاية بلوغهم 21 سنة.
المنح الجزافية: تُمنح مباشرة لحوالي مليون و500 ألف أسرة.
الدعم للمسنين والأرامل: تشمل الإعانات حوالي مليون و400 ألف شخص مسن، بالإضافة إلى 400 ألف أرملة، بينهن 90 ألف أرملة تتكفلن بأكثر من 150 ألف يتيم.

الحكامة والشفافية: مرتكزات النجاح
منذ انطلاقه، يستند ورش الدعم الاجتماعي المباشر إلى مبادئ الحكامة الجيدة، والفعالية، والشفافية، مما مكن المغرب من تحقيق تقدم كبير في مجال الحماية الاجتماعية. وبفضل التوجيهات الملكية السامية، استطاعت المملكة أن تتبوأ مكانة استراتيجية في تصميم السياسات الاجتماعية وتنفيذها، سواء من حيث سرعة الإنجاز أو جرأة الإصلاح.

مكانة المغرب على الصعيدين الإفريقي والإقليمي
بات المغرب يحتل المرتبة الثانية على الصعيدين الإفريقي والإقليمي من حيث نسبة مخصصات الدعم المباشر من الناتج الداخلي الإجمالي، والتي تبلغ حالياً 2 في المائة. هذا التقدم اللافت يعكس نجاح المملكة في اعتماد نظام متكامل للدعم المباشر، قائم على الاستهداف الدقيق والحكامة الرقمية، ومستوحى من أفضل الممارسات الدولية مع مراعاة الخصوصيات الوطنية.

التحديات المستقبلية: نحو التمكين الاقتصادي والاجتماعي
رغم المكتسبات المحققة، لا يزال ورش الدعم الاجتماعي المباشر في مرحلة التفعيل التدريجي، مما يستدعي تطويره ليصبح رافعة استراتيجية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. لتحقيق ذلك، يجب تجاوز ثلاثة تحديات رئيسية:

تعزيز سياسة القرب: من خلال تدبير ترابي-إنساني للدعم، يتلاءم مع خصوصيات كل منطقة ترابية، مع تحسين جودة الخدمة وتعزيز ثقة المواطنين عبر إحداث تمثيليات ترابية للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي.

تعزيز الأثر الاجتماعي: عبر ربط الدعم المالي بمؤشرات تحسين ولوج المستفيدين للتعليم والصحة، وتقوية فرص إدماجهم الاجتماعي، بما يضمن أثراً مستداماً على جودة حياتهم.

المواكبة الاقتصادية للأسر: من خلال تيسير ولوجها لبرامج التكوين والتوجيه الاقتصادي، وتعزيز فرص الشغل اللائق، وتطوير المهارات المقاولاتية، مما يفضي إلى تحقيق استقلالية اقتصادية واجتماعية دائمة.

مقاربة تشاركية لتحقيق التنمية المستدامة
تعمل الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي على إرساء نموذج متكامل للدعم الاجتماعي، يرتكز على استهداف دقيق عبر السجل الاجتماعي الموحد، مقرون بالتزامات اجتماعية يتم تحديدها بمعية المستفيدين وبالتنسيق مع القطاعات المعنية. كما تعتمد الوكالة مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين العموميين والشركاء، تقوم على التقييم المنتظم للنتائج وترسيخ حكامة رشيدة ترتكز على التضامن والشفافية والإنصاف.

إن ورش الدعم الاجتماعي المباشر يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التنمية البشرية المستدامة في المغرب. بفضل التوجيهات الملكية السامية، استطاعت المملكة أن ترسخ مكانتها كدولة رائدة في مجال الحماية الاجتماعية، معززة بذلك طموحها لتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، ومواصلة مسارها نحو التنمية المستدامة والازدهار.