أخبار بلا حدود

نكبة تتجدد: 90% من سكان غزة مشرّدون في وطنهم والأونروا تُطلق نداء استغاثة للعالم


في مشهد يعيد إلى الأذهان أكثر اللحظات مأساوية في التاريخ الفلسطيني، صرّحت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن نحو 90% من سكان قطاع غزة قد أجبروا على النزوح القسري من منازلهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، مما يُنذر بكارثة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم.



من نكبة 1948 إلى مأساة 2024: التاريخ يعيد نفسه
في تغريدة لافتة على موقع "إكس"، قالت الأونروا: "في عام 1948 نزح أكثر من 700 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، وهذه الأحداث تعرف باسم النكبة. وبعد 77 عاماً، لا يزال الفلسطينيون يُشردون قسراً".
هذا الربط المباشر بين نكبة الأمس وواقع اليوم يُمثل إدانة صريحة لما يحدث في غزة، ويكشف استمرارية المعاناة الفلسطينية تحت عناوين متجددة ووجوه مختلفة للتهجير القسري.

نازحون داخل نكبتهم: مرات تشريد لا تُعدّ
الأونروا أشارت أيضًا إلى مأساة النزوح المتكرر، حيث اضطرت بعض العائلات إلى ترك منازلها أكثر من عشر مرات، هرباً من القصف أو نتيجة للدمار الكامل لمناطق سكناها.
النازحون لا يجدون سوى خيام مهترئة، أو مدارس مزدحمة، أو أراضٍ مكشوفة، ما يزيد من خطر تفشي الأمراض وسوء التغذية، خاصة في صفوف الأطفال والمسنين.

أزمة نزوح بلا ممرات آمنة ولا حلول
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أزمة النزوح الداخلي في غزة باتت تفوق طاقة الاحتمال، وسط غياب أي ممرات إنسانية آمنة، وانعدام الموارد الأساسية، واستمرار الحصار الخانق المفروض على القطاع.
كل محاولة لإيجاد ملجأ جديد تقابلها غارة جديدة، وكل مأوى مؤقت يتحول إلى نقطة استهداف، في حرب لا تفرّق بين المدني والعسكري، ولا تترك للناجين فسحة للتنفس.

العالم يتفرّج على انهيار إنساني متسارع
رغم التحذيرات اليومية التي تُطلقها "الأونروا" ومنظمات إنسانية أخرى، لا تزال الاستجابة الدولية قاصرة عن مستوى الكارثة.
وكأن المشهد الإنساني في غزة تحول إلى "مشهد اعتيادي" يُستهلك في نشرات الأخبار ثم يُنسى، بينما يستمر التشريد والتجويع والترويع.

رسالة لاجئة تتكرر عبر الأجيال
بين نكبة 1948 وتشريد 2024، جيلان فلسطينيان يشتركان في المعاناة نفسها، ويواجهان السؤال الوجودي ذاته: أين الوطن؟
في غزة اليوم، لا صوت يعلو فوق صوت المأساة، ولا مشهد يطغى على مشهد الأمهات يبحثن عن رغيف، والأطفال ينامون على التراب، والعائلات تحمل ذكرياتها على الأكتاف بين نقطة نزوح وأخرى.

البيان الأخير للأونروا لا يضيف فقط رقماً جديداً إلى إحصائيات النزوح، بل يُطلق جرس إنذار أخلاقي وإنساني.
90% من سكان غزة بلا مأوى، وبعضهم مشرّد للمرة العاشرة، في ظل تقاعس دولي مخزٍ وصمت يتواطأ مع الجريمة.
لم تعد القضية فقط قضية نزوح، بل قضية بقاء شعب بأكمله في وجه الإبادة الصامتة.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 16 ماي 2025
في نفس الركن