أخبار بلا حدود

غزة تُنازع تحت الحصار: مجاعة تلوح في الأفق ونظام صحي ينهار أمام أنظار العالم


أمام صمت دولي يقترب من التواطؤ، تُسجل غزة يومًا جديدًا من المأساة الإنسانية المتواصلة. مع حلول الفجر، أعلنت المصادر الطبية توثيق أكثر من مئة شهيد ومفقود إثر غارات إسرائيلية استهدفت منازل في بيت لاهيا ومخيم جباليا شمال القطاع، في مشهد يتكرر دون هوادة منذ استئناف العدوان.



غزة المنكوبة: انهيار متكامل للنظام الصحي
في وصف يلخّص المشهد بكلمات موجعة، صرّح المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى أن "الوضع كارثي بكل ما تعنيه الكلمة"، في ظل عجز المستشفيات عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية الطبية بسبب النفاد شبه التام للأدوية والمستلزمات الطبية. أما منظمة الصحة العالمية فقد رفعت صوتها محذّرة من نفاد الوقت لإنقاذ الأرواح، في ظل نظام صحي يتهاوى تحت القصف والحصار.

وبحسب المنظمة، فإن المخزون الطبي على وشك النفاد، ومعظم الخدمات الصحية الأساسية مهددة بالتوقف الكامل. وعلى الرغم من أن الشحنات الطبية تبقى عالقة على بعد دقائق من حدود القطاع، فإن الحصار يمنع دخولها، ما يُجبر الأطباء على تقنين ما تبقّى من المستلزمات، في اختيار يومي بين من يُعالج ومن يُترك لمصيره.

الدفاع المدني في الرمق الأخير
لم تسلم خدمات الدفاع المدني من هذا الدمار الممنهج، إذ أكدت مصادر في غزة أن أكثر من 85% من مقدرات الدفاع المدني قد دُمّرت بالكامل، ما يعني أن عمليات الإنقاذ، وإخلاء الضحايا، وحتى دفن الشهداء، تتم بإمكانيات تكاد تكون معدومة. رجال الإنقاذ يُغامرون بحياتهم، بأدوات بدائية، لإنقاذ من تبقى تحت الركام.

الجوع كقنبلة موقوتة
إلى جانب القصف والموت البطيء في المستشفيات، تلوح في الأفق مجاعة تهدد مئات الآلاف. برنامج الأغذية العالمي أطلق تحذيرًا شديد اللهجة، مؤكدًا أن العائلات في غزة تتضور جوعًا بينما الغذاء عالق على الحدود، بفعل نفس الحصار الذي يقطع شريان الحياة عن القطاع.

وتشير تحليلات الأمن الغذائي الأخيرة إلى أن الوضع بلغ مرحلة خطرة، حيث دخلت غزة رسميًا في سباق مع الزمن لتفادي المجاعة. فكل يوم تأخير في إيصال المساعدات يعني المزيد من الأطفال الجائعين، والمزيد من المرضى الذين لا يستطيعون تحمّل دواء بسيط أو وجبة ساخنة.

صرخة أخيرة إلى الضمير العالمي
ستون يومًا من القصف، الحصار، والحرمان، تركت غزة على شفا الهاوية. لا دواء، لا غذاء، لا مأوى. الأمم المتحدة، عبر منظماتها، تُطلق تحذيرات يومية، لكنها تصطدم بجدار سياسي من التجاهل والشلل. ملايين الأصوات الحرة حول العالم ترفع النداء، لكن الآلة الحربية لا تزال تعمل، والممرات الإنسانية لا تزال مغلقة.

غزة اليوم ليست فقط منطقة منكوبة، بل علامة استفهام معلقة على جبين الإنسانية. في كل شهيد جديد، وكل صرخة أم، وكل طفل يحتضر جوعًا أو قهرًا، تختبر البشرية ضميرها. والنتيجة، حتى الآن، فشل أخلاقي مدوٍّ. ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة موثقة بالوقت والموقع والسكوت العالمي.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 16 ماي 2025
في نفس الركن