أخبار بلا حدود

رفض منح الجنسية الإسبانية لمهاجر مغربي: قضية تثير الجدل حول معايير الاندماج


أيدت الغرفة الإدارية بالمحكمة الوطنية الإسبانية مؤخرًا قرار رفض منح الجنسية الإسبانية لمهاجر مغربي، رغم إقامته القانونية في إسبانيا منذ عام 2000، وكونه متزوجًا وأبًا لثلاثة أطفال. هذا القرار أثار العديد من التساؤلات حول معايير الاندماج الاجتماعي التي تعتمدها السلطات الإسبانية في منح الجنسية.



تفاصيل القضية
وفقًا لوسائل إعلام إسبانية، فإن المهاجر المغربي الذي يعيش في مدينة تاراغونا منذ سنوات طويلة، لم يتمكن من إثبات درجة كافية من الاندماج في المجتمع الإسباني، على الرغم من وجود روابط عائلية وعمل قار. وأشارت المحكمة إلى أن هذه العوامل وحدها لا تكفي للحصول على الجنسية، حيث يتطلب القانون الإسباني تحقيق مستوى معين من الاندماج الاجتماعي والثقافي.

ومن بين النقاط التي استند إليها قرار الرفض، عدم تمكن المهاجر من إثبات معرفته الكافية باللغة الإسبانية، إلى جانب ضعف إلمامه بالواقع الاجتماعي والثقافي للبلاد. وأظهرت اختبارات الاندماج التي خضع لها المواطن المغربي صعوبات في فهم وقراءة وكتابة اللغة الإسبانية، بالإضافة إلى معرفته المحدودة بالقيم والمبادئ الاجتماعية الإسبانية.

معايير الاندماج في القانون الإسباني
أكدت المحكمة أن الاندماج الاجتماعي لا يعتمد فقط على إتقان اللغة، بل يشمل أيضًا انسجام نمط حياة مقدم الطلب مع المبادئ والقيم الاجتماعية الإسبانية، ومدى مشاركته في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أشارت إلى أهمية الروابط الأسرية، لكنها اعتبرت أن هذه الروابط ليست كافية لوحدها لإثبات الاندماج المطلوب.

وفي هذا السياق، أوضحت المحكمة أن مقدم الطلب كان مسجلًا في السجل البلدي لمدينة تاراغونا منذ عام 2014، ولديه 2795 يومًا من التسجيل في نظام الضمان الاجتماعي. كما تقدم بطلب الحصول على الجنسية الإسبانية في أكتوبر 2014، إلا أن النيابة العامة وموظف السجل المدني أوصيا برفض الطلب، وهو ما تم تأكيده لاحقًا بقرار رسمي صدر عام 2020.

تداعيات القرار
يطرح هذا القرار تساؤلات حول معايير الاندماج التي تعتمدها السلطات الإسبانية، ومدى عدالتها في تقييم طلبات الحصول على الجنسية. فبالرغم من إقامة المهاجر المغربي في إسبانيا لمدة تزيد عن عقدين من الزمن، ووجود روابط عائلية وعمل قار، إلا أن هذه العوامل لم تكن كافية لإقناع المحكمة باندماجه الكامل في المجتمع.

كما يُبرز القرار أهمية اللغة والمعرفة الثقافية كشرطين أساسيين للحصول على الجنسية، وهو ما قد يشكل تحديًا كبيرًا للعديد من المهاجرين الذين يواجهون صعوبات في تعلم اللغة الإسبانية أو التأقلم مع الثقافة المحلية.

الاندماج: مسؤولية مزدوجة
تعكس هذه القضية أهمية تعزيز سياسات الاندماج الاجتماعي التي تستهدف تمكين المهاجرين من تعلم اللغة والتعرف على الثقافة المحلية. وفي الوقت نفسه، تبرز الحاجة إلى مراجعة معايير الاندماج لضمان أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف المختلفة التي يعيشها المهاجرون، وخاصة أولئك الذين يساهمون بشكل إيجابي في المجتمع من خلال العمل ودفع الضرائب وتربية أسرهم.

إن رفض منح الجنسية الإسبانية لهذا المهاجر المغربي يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المهاجرون في تحقيق متطلبات الاندماج، ويدعو إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات والمعايير المعتمدة لضمان تحقيق توازن بين متطلبات القانون وواقع المهاجرين. فالاندماج ليس مجرد اختبار لغوي أو ثقافي، بل هو عملية شاملة تتطلب دعمًا من الدولة والمجتمع لضمان تحقيق العدالة والإنصاف للجميع.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 22 ماي 2025
في نفس الركن