مدخلات و مخرجات

رشيد أوراز لـ"العلم": الاتحاد الأوروبي لم يفقد قوته في الأزمة الأوكرانية بل دفع مليارات الدولارات لتمويل الحرب الأوكرانية ضد روسيا


أكد الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسيات، رشيد أوراز، على أن الاتحاد الأوروبي، ليسَ تابعا للولايات المتحدة الأمريكية، بالمقابل ليسَ بمقدوره الاستقلال نهائيا عنها.
وشدد المتحدث، على أن الاتحاد الأوروبي، لم يفقد قوته الاقتصادية، بل على العكس من ذلك، فالشعوب الأوروبية من أعلى شعوب العالم دخلا على المستوى الفردي، مشيرً إلى أن المؤشر الحقيقي لقياس قوة اقتصاد الدول هو ارتفاع الدخل السنوي الفردي للمواطنين .



مؤطر: " الاتحاد الأوروبي هو اتحاد سياسي بالدرجة الأولى"
مؤطر: "ما يتم قوله عن ضعف دول الاتحاد الأوروبي اقتصاديا هو من قبيل المبالغات "
 
 ماذا يمكن أن يفهم القارئ من مصطلح التكتل الاقتصادي على غرار الاتحاد الأوروبي؟
 
في الوقت الحالي، هناك تمييز على الصعيد العالمي، من خلال بناء تكتلات اقتصادية، حيث هناك اتحادات سياسية مثل الاتحاد الأوروبي، فالدول الأعضاء فيه، لا تكتفي بالجوانب الاقتصادية وإنما بالجوانب السياسية أيضا، خصوصا الجوانب جيو-استراتيجية، وعلاقتهم أيضا مرتبطة على وجه الخصوص بالقوى العظمى في العالم، لذلك هو اتحاد سياسي بالدرجة الأولى، وينسق فيما بينه أيضا على مستويات أخرى،  من قبيل الصناعة والسياسة النقدية. ومن جهة أخرى، لا أعتقدُ أن هناك اتحادات قادرة على أن تصلَ إلى مستوى هذا التنسيق والاندماج، هناك العديد من التجارب لكن لم تنجح، مثلا الاتحاد السوفياتي فشل، واتحاد المغرب العربي هو ذاته فشل، بالإضافة إلى محاولة منظمة "البريكس" التي فشلت، في تنسيق مواقفها، رغم المجهودات الأخيرة التي تقوم بها من أجل التنسيق الاقتصادي والخارجي .

 
 برأيكم، في ظل تصاعد قوتي الصين وروسيا مقابل الولايات المتحدة الأمريكية، هل للاتحاد الأوروبي تأثير اقتصادي بينهم؟
 
بالنسبة للصين وروسيا، هما تجربتان متشابهتان في علاقتهما بالغرب خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ما يعطي تميزا للصين، هو أنه تم التفاوض معها على أساس إجراء الإصلاحات والانفتاح، مقابلَ أن يأتي الرأسمال الغربي الأمريكي على وجه الخصوص، لتنشيط الاقتصاد الصيني وكذلكَ كان، في ظل حكم الحزب الشيوعي الصيني .
 
أما عن روسيا، فهي انتظرت طويلا حتى سقوط جدار بربين 1989، وتفكك الاتحاد السوفياتي وبالتالي دخلت في مرحلة الإصلاحات، لتتفاوض مع الغرب هي الأخرى، ليدخل الرأسمال إلى تنشيط أسواقها الاقتصادية . 
 
والمقابل أن تكونَ هناك علاقات اقتصادية، قائمة على مصالح كل الأطراف، لكن مآلات التجربتين متشابهة جدا، فبعدَ الانفتاح اتجها سياسيا إلى نوع من الانغلاق وتحدي الدول الغربية،  وهذا بطبيعة الحال لم تقبل بهِ القوى الغربية، لذلك نرى اليوم كيف يتم التعامل مع روسيا، وفيما يبدو أن الصين ستواجه نفس المعاملة، في حالة عدم انضباطها للقواعد التي تضعها الدول الغربية، التي مازالت تتمتع بالنفوذ والمال والقوة .
 
بالعودة إلى روسيا، فإن تطورها ونموها الاقتصادي أصبح خلفنا، لأنها لن تستطيعَ الخروج من هذه الأزمة، إلا وهي فقيرة ومنهكة، وقد يكون لذلك تأثير على استقرارها السياسي، لذلك فالسنوات القادمة ستكونُ سيئة جدا بالنسبة لروسيا، حيث أنها لن تكون دولة صاعدة وستفقد الكثير من امتيازاتها الاقتصادية، وفي ذات السياق فإن الصين قد تتعلم من التجربة الروسية أو العكس، إذا كان الأمر في الاتجاه الإيجابي فإنها ستتخلى عن طموحاتها جيو-سياسية، وعن مقارعة الغرب خصوصا الولايات المتحدة، أما إن كان المنحى في الاتجاه السلبي فستدخل الصين في مواجهة مع الغرب، ولا أعتقد أن للصين القوة والإمكانيات الكافية على النفوذ والتأثير في العالم، ما يؤهلها لمواجهة أمريكا وحدها فقط، دون أن نضيفَ إليها الدول الغربية، التي تفضل مصالحها مع أمريكا على حساب قوى أخرى . 

 
ما تعليقكم، على من يقول إن الاتحاد الأوروبي مجرد تابع اقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية؟
 
 في الحقيقة فإن الاتحاد الأوروبي، ليسَ تابعا للولايات المتحدة الأمريكية، لكنه لايستطيع أن يستقل عنها تماما، صحيح أن لديه سياسات مستقلة لكن الاقتصاد العالمي لابد له من لاعبينَ كثر ينسقونَ فيما بينهم، حيث يتشابهونَ في نهج نفس السياسات ونفس الإصلاحات، وهم من يقسمونَ جزءا من الثروة العالمية، لذلك فهو تابع أم غير تابع، فهو سؤال سياسي في الأًصل ويكون تابعا في لحظات معينة، مثل لحظة اندلاع الأزمة الأوكرانية فكل الأوروبيين، خصوصا الفرنسيين والألمان منهم، وبقية الدول الأوروبية حتى التي أصبح يحكمها اليمين ويهمها أكثر الاقتراب من بوتين والابتعاد عن الولايات المتحدة، دخل هو أيضا في مواجهة روسيا وإلى جانب حلف الناتو، لذلك فإن الذي يحكم العلاقات هي المصالح الاقتصادية، تختلف في بعض الأحيان اللهجة اتجاه الولايات المتحدة، لأسباب سياسية وإيديولوجية، لكن في نهاية المطاف ليست هناك دولة أوروبية، يمكن أن تضحي بمصالحها الاقتصادية وتطورها، وتظل بعيدة عن الولايات المتحدة .  
 
هل يعني هذا أن الاتحاد الأوروبي فقد قوته الاقتصادية أيضا؟
 
الاتحاد الأوروبي، لم يفقد قوته الاقتصادية، بل على العكس من ذلك، فالشعوب الأوروبية لديها معدل دخل مرتفع جدًا، فالمقارنة بينَ المجتمعات يجب أن تكونَ على أساس الدخل السنوي الفردي، لكل مواطن في كل دولة، هذا هو المؤشر الحقيقي الأقرب، أما حجم الاقتصاد ككل بدون النظر إلى حجم السكان فهذا لا يصح أن نقوم بمقارنات على أساسه، فإذا أخذنا الناتج الداخلي الفردي لكل مواطن من البلدان الأوروبية فنحن نعلم أن كثير منها للولايات المتحدة الأمريكية، والصين بعيدة جدًا عن هذا المستوى، وتظل الدول الأوروبية غنية جدا، ولديها إمكانيات مالية هائلة .

 
 غاب التأثير الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في الأزمات الأخيرة، خصوصا في الأزمة الروسية الأوكرانية، كيف تقرؤون ذلك؟
 
لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي، فقد أي شيء من قوته في الأزمة الأوكرانية الحالية، بل أكثر من ذلك الدول الأوربية دفعت مليارات الدولارات لتمويل آلات الحرب الأوكرانية ضد روسيا، ما ألحقَ خسائر كبيرة بها، وفرضوا عقوبات ضخمة على الاقتصاد الروسي، وعلى رجال الأعمال والشركات وهذا يدل على أن لديهم هامشا كبيرا للقيام بذلك، بالإضافة إلى تخريب خط أنابيب "نورد ستريم" دون أن يتأثر الاقتصاد الألماني خصوصا، ودونَ أن يكون هناك عجز في الحصول على الطاقة في بلدان الاتحاد الأوروبي، وخلاصة ما يتم قوله عن ضعف دول الاتحاد الأوروبي من الناحية الاقتصادية، هو من قبيل المبالغات فقط، صحيح أن لديهم مشاكل عدة، لكن هي مشاكل الدول العظمى وليست مشاكل الدول الفقيرة والنامية .  

المصدر: جريدة العلم الورقية

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 1 نونبر 2023

              

















تحميل مجلة لويكاند


القائمة الجانبية الثابتة عند اليمين





Buy cheap website traffic