رسالة مفتوحة إلى السيدة أمل الفلاح السغروشني الوزيرة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة

معالي الوزيرة،

في حقبة زمنية تتسم بهيمنة الذكاء الاصطناعي، يبرز أمامكم تحدٍ تاريخي غير مسبوق ، يتطلب قيادة حكيمة ورؤية بعيدة المدى، وهو ما يتوفر في شخصكم الكريم، إن خبرتكم الواسعة وكفاءتكم الرفيعة تضع على عاتقكم مهمة عظيمة، وهي قيادة المملكة المغربية لتصبح ركيزة أساسية في هذا التحول التكنولوجي العالمي. 

إن الثقة التي يضعها فيكم وطنكم العزيز قائمة على يقين راسخ بقدرتكم على قيادة هذه المرحلة الحاسمة، وهذه الثقة تتطلب منكم النجاح والنتائج الملموسة التي تصب في مصلحة المملكة وشعبها

لقد علمتنا التجارب التاريخية الفارطة أن المغرب قد فاته في الماضي العديد من الثورات الحاسمة: الثورة الصناعية، ثورة المعلوماتية، وآخرها ثورة الرقمنة. واليوم، في خضم هذا التغيير الجذري الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي، لا يمكن للمملكة أن تُفرّط في الفرصة التاريخية التي يُقدّمها هذا المجال. 

وبالتالي فمهامكم تتجاوز مرحلة تبني التقنيات الحديثة ، لتصل إلى أولوية قصوى تتجلى في  توعية جميع القوى الفاعلة في الوطن—من صناع القرار، والمشغلين الاقتصاديين، إلى الأكاديميين وقادة الرأي—بحتمية هذه التحولات وأثرها البالغ على حاضر المغرب ومستقبله.

إن التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، وبالأخص مع ظهور الذكاء الاصطناعي العام (AGI) والذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، يحمل في طياته تغييرات جذرية في نظم الاقتصاد والمجتمع على الصعيد العالمي، وذلك في أفق السنوات القليلة القادمة، بين 2025 و2027. 

هذا الجدول الزمني المتسارع يتطلب منا اتخاذ خطوات فورية وحاسمة، فالمسألة لم تعد مجرد فرصة استثمارية بل أصبحت ضرورة وطنية حيوية من أجل ضمان سيادتنا التكنولوجية وتعزيز قدرتنا التنافسية على الساحة الدولية.

إن مهامكم، معالي الوزيرة، لا تقتصر على إقناع وتوجيه الجميع نحو هذا التحول، بل تمتد أيضًا إلى تفعيل المبادرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بكفاءة وسرعة، لضمان أن يكون المغرب في صدارة الدول التي تبادر وتتقدم في هذا المجال الحيوي. 

إن الوقت يداهمنا، وأي تأخير قد يعرضنا لمخاطر كبيرة في ما يتعلق بتبعية تكنولوجية قد تحد من قدرتنا على التأثير والمنافسة في المستقبل. أمامكم، وبمساندة فريقكم، نافذة زمنية ضيقة، ولكنها حاسمة.

إن هذه المهمة التي تقودونها، معالي الوزيرة، تشكل فرصة غير مسبوقة لتحفيز نهضة اقتصادية وتكنولوجية كبيرة في المملكة المغربية، نحن على يقين بأنكم ستتجاوزون التحديات، وستحققون نتائج ملموسة ونجاحات حقيقية، تضع بلادنا على خارطة التحولات التكنولوجية العالمية.

إن توليكم لهذا المنصب يُعدّ فرصة مهمة للمغرب،  ونأمل أن يكون ختامها مناسبة للتهنئة— ليس فقط على تعيينكم، بل على الإنجازات الملموسة والتحولات الجوهرية التي ستساهمون في تحقيقها

المملكة المغربية، بما تتمتع به من إمكانيات وطموحات، تستحق هذه الرؤية وهذه الطموحات، ونحن واثقون تمامًا في قدرتكم على قيادة هذه المعركة الحاسمة، ليس فقط من أجل الأجيال الحالية، بل أيضًا من أجل الأجيال القادمة.

حظ موفق، معالي الوزيرة، ونحن بكل فخر واعتزاز إلى جانبكم في هذا المسار الطموح.